المعلم هو سحابة الخير التي تمطر سرّا من أسرار الحياة، فهو يؤدي دورا عظيما وهدفا نبيلا في هذه الأمة، وهو يرفع راية ورثها من خير البشر، مهنة الأنبياء والرسل عليهم السلام. ومهما قيل في حق المعلم، فلن يفيه حقه، ولكن الوفاء يُردُ إليه حين يرى جميل الصنع من متعلميه، وكفى به فضلا ما قال عنه الرسول الكريم، صلى الله عليه وسلم، «إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ وَأَهْلَ السماوات وَالْأَرَضِينَ، حتى النَّمْلَةَ في جُحْرِهَا، وَحَتَّى الْحُوتَ، لَيُصَلُّونَ على مُعَلِّمِ الناس الْخَيْرَ». والمقصود بالصلاة هنا هي الدعاء. وكم تزخر اللغة العربية بكثير من الحكم والأقاويل التي تبجّل المعلم المعطاء، ومن أشهر ما قيل في تبجيل المعلم، قول أمير الشعراء أحمد شوقي: «قم للمعلم وفِّه التبجيلا، كاد المعلم أن يكون رسولا». ذلك النبيل هو من ينير الدرب لجميع الأجيال، وهو الثروة الحقيقة والكنز لكل مجتمع، والمنارة التي تضيء طريق المستقبل، فهو أول من يزرع القيم والأخلاق وحب الخير في أطفالنا وهم في عمر الزهور، وقد حرص الدين الإسلامي العظيم على تبيين أهمية المعلم، ودوره في نمو المجتمع، وحثّ الدين الحنيف على طلب العلم ولو كان في آخر بقاع الدنيا، فقد كانت أول كلمة نزلت على النبي الأمي هي كلمة «اقرأ». ومما لا شك فيه أن صلاح الأرض يصلح الزرع، كذلك المعلم هو من يصنع بيديه الطبيب والمهندس والشرطي وعامل البناء، لنماء المجتمع وتأسيس بنائه في شتى المجالات، فهو محور ذلك كله، ألا يستحق هذا النبراس العظيم التقدير والثناء على جهوده؟، أما تستحق هذه الشمعة رد جميل يليق بتعبها وجهدها؟ فلنذكّر أنفسنا وأطفالنا بشكر المعلم، ورفع القبعات أمامه لكل فعل عظيم يقوم به، والابتعاد عن تقليل دوره وأهميته، والاعتراف بأنه الأساس المتين الذي يتكئ عليه كل أفراد المجتمع ليوصلهم إلى القوة التي تحتاج إليها الأوطان، فهي بالتأكيد ليست قوة المال والعتاد، وإنما قوة العلم في الأجيال. هنيئا لك كل هذا يا صاحب الشرف العظيم والمنارة المضيئة والأمجاد الخالدة، هذا المجد العظيم.