بقيت مساجد الطرق ولعدة عقود من الزمن في وضع لا يسر ولا يرمز للأهمية التي توليها المملكة العربية السعودية، قيادة ومسؤولين وشعبا، للمساجد وتعلقهم بها، وذلك لعدم صدور نظام صارم يكفل صيانتها الدائمة وتشغيلها بمستوى يليق بعظمتها، ويُلزم من بناها بالعناية بها وإلا تعرض استثماره بالكامل للإيقاف، ونشأت من رحم هذه المعاناة والصورة الذهنية المؤذية المؤسسة الخيرية للعناية بمساجد الطرق، وحققت إنجازات مشهودة كُتبت بتفاعل المجتمع أفرادا وجماعات، كيانات أعمال ومحسنين، والقادم -بإذن الله- سيسر مرتادي الطريق ويغير الصورة النمطية التي ارتسمت في أذهان من يستخدم السيارة في أسفاره براً، وقد كان يعرف يقينا أن لا مكان ولا مسجد يستطيع أن يؤدي عبادته فيه ولا مرافق مهيأة له. إن ما يجعلنا اليوم نراهن على الغد في تغيير الصورة الذهنية عن واقع مساجد الطرق هو عدة أمور منها: - الثقة الكاملة من وزارة الشؤون الإسلامية (مظلة المؤسسة) بالعطاء المتحقق في الفترة القصيرة من عمر المؤسسة، مما جعلها تذلل الصعوبات في بداية الانطلاق دعما لإتمام رسالتها ورؤيتها وأهدافها وفق قيم مثالية للعناية بالمساجد. - إنجاز وزارة الشؤون البلدية والقروية للملف المعقد الذي دفعت به -مشكورة- الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، وأهلت لتشغيل محطات الطرق عشر شركات ومنحتها امتيازات تدفع بنجاحها، وأولى الاهتمام منها مسجد المحطة ومرافقه. - أسست وزارة الشؤون البلدية والقروية مع الشركات المؤهلة التزاما، على أن تكون المؤسسة الخيرية للعناية بمساجد الطرق هي ضابط الجودة، وأن نماذج المساجد المقرة منهم هي التي تنفذ في الواقع وإتمام ترتيبات التشغيل والصيانة معهم. - العمل المؤسسي الذي تقوم عليه المؤسسة الخيرية واعتمادها خطة عمل استراتيجية حتى عام 2022، مع تحديد محاور طرق لمساجدها حتى لا يضيع الجهد ولا يتضح الإنجاز على ألا تتجاوز المسافة بين المسجد والآخر 80 كلم. - إطلاق المؤسسة برامج نوعية تهدف من خلالها إلى استثمار وتحفيز البيئة الداخلية، وأهم هذه البرامج تحت مسمى (شريك التميز)، وهو موجه لمن يهتم بمحطته ومرفقاتها التي أولها المسجد ويمنح له عددا من المزايا والحوافز المشجعة. - ترجمة لرؤية المملكة 2030 من خلال أحد محاورها الرئيسية المرتبط برفع عدد المتطوعين من خلال برنامج أصدقاء مساجدنا ووقعت لترجمته العديد من الاتفاقيات الرسمية التي ستبرز دور المسجد وأهمية المحافظة عليه والعناية به. - بناء تطبيق على أجهزة الجوال يمكن سالك الطريق من معرفة أقرب المساجد التي تشرف عليها المؤسسة الخيرية للعناية بمساجد الطرق، مع إشعار المسافر بلوحات تكفلت بها -مشكورة- وزارة النقل بالمحطة التي تلتزم بالضوابط والشروط. - نظام المتابعة الدقيق الذي نفذته المؤسسة من خلال تركيب كاميرات مراقبة بالعدد الكافي على المساجد ومرفقاتها التي تشرف عليها، وربط ذلك بمركز التحكم في المؤسسة وخروج فرقة الصيانة مباشرة على البلاغ وعلى مدار الساعة. - أقرت المؤسسة نظام تقييم يوجد في كل مسجد من مساجدها لمعرفة درجة الرضا ومستوى الخدمة، ويرتبط مباشرة بمركز التحكم، كذلك أقرت المؤسسة برنامجا لكفالة المسجد بمقابل شهري يسهم المتبرع معها بمراقبة الأداء إن رغب. ختاما.. إن قبول الأمير سلطان بن سلمان للرئاسة الفخرية للمؤسسة سيدعم دون شك وجودها وانتشار عطاءاتها، وتحقيق مبدأ الاستدامة لأعمالها من خلال تبني وقف يكفي لتلك البرامج، بالإضافة إلى العطاء الشهري الرائع واشتراك قرابة 100 ألف مواطن في التبرع عبر رسائل الجوال والتي تحقق شهريا دخلا يقارب المليون ريال نفذ بموجبه أحد المساجد والبقية تتبع بإذن الله، كما أن هناك العديد من الاتفاقيات والتفاعل الإيجابي الذي تم مع المؤسسة من أجل تغيير صورة مساجد الطرق ومرفقاتها، سواء على المستوى الرسمي والحكومي وشبه الحكومي والقطاع الخاص، وكذلك القطاع الأهلي، حيث قدمت جهدها وخدماتها كل من وزارة النقل ووزارة العمل والتنمية الاجتماعية ووزارة الزراعة والمياه والبيئة والهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، ومؤسسة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، ومصلحة الجمارك وصندوق الموارد البشرية، وشركة سابك وشركة الاتصالات السعودية، والعشرات من الشركات الأخرى، وكذلك الأفراد المحسنين الذين تسابقوا في الدعم المالي والمعنوي، وهو ما يجعلنا نراهن في المستقبل على تغيير الصورة -بإذن الله تعالى- لأنها بيوت الله التي تعلقت بها الأفئدة (شريطة أن تستمر الشؤون الإسلامية عونا لا عوقا للمؤسسة وبرامجها).