سيطرت الملفات الإقليمية الساخنة على الأحاديث الجانبية لضيوف المؤتمر السنوي التاسع لمؤسسة الفكر العربي بالعاصمة اللبنانية بيروت الذي يعقد اليوم وغداً تحت عنوان "العالم يرسم المستقبل.. دور العرب؟". ورصدت "الوطن" مشاهداتها بين أروقة فندق فينيسيا أمس، "مكان انعقاد المؤتمر"، حيث لم تنحصر النقاشات بين مجموع المثقفين في ملف سياسي محدد، بل كانت جملة نقاشات حول ملفات سياسية متنوعة، مثل التخوفات من انفصال جنوب السودان عن شماله، والمشهد اللبناني وأزمة استصدار القرار الظني في خلفيات اغتيال رئيس الوزارء اللبناني رفيق الحريري، للانتقال للقضية العراقية واستقرار بلاد الرافدين، وإشكالات الوضع الداخلي في اليمن السعيد، ولم يكن "الملف النووي الإيراني" بعيداً عن نقاشات المثقفين والمفكرين، فكان هناك تماس في طرح القضايا بالتزامن مع القمة الاستثنائية لقادة دول مجلس التعاون الخليجي التي انتهت فعالياتها أمس بالعاصمة الإماراتية أبوظبي. وعزز عنوان مؤتمر "فكر 9" اتجاه الأحاديث الجانبية للمثقفين ضيوف المؤتمر، في رسم مستقبل المنطقة العربية إزاء التحديات التي تعترضها، وكذلك إزاء الفرص المتاحة أمامها، في محاولة جادة من المؤتمر في تسليط الضوء على التغيّرات الجيوسياسية، وتضاؤل أهمية "الحدود" كحواجز بين الدول عبر ما سيناقشه المؤتمر "بالخرائط الجديدة"، وعبر فرص اقتصادية جديدة، وتستعرض وجهة نظر صانعي السياسات، وأصحاب المبادرات الاقتصادية، والتقنيين، والمثقفين. الأكاديمي والكاتب والباحث السياسي الموريتاني السيد ولد أباه قال في حديث خاص إلى "الوطن" إن "الأزمات السياسية التي تمر بها المنطقة العربية، هي أيضاً أزمات ثقافية"، حيث يلعب "العامل الثقافي دوراً في تلك الأزمات". وأضاف ولد أباه أن "هذا المؤتمر الفكري، سيشكل محوراً مهما في تشخيص أزماتنا السياسية التفصيلية". عضو مجلس الشورى سابقا الدكتور محمد آل زلفة أكد في حديثه إلى "الوطن" أن العرب يعيشون في زمن غريب لا يعرفون موقعهم، مؤكدا أن لدينا ثروات لا نعرف كيف نوظفها وطاقات لا نعرف كيف نستغلها. ونأمل ممن يأتي للمشاركة في مؤتمر الفكر العربي أن يتحدث بشفافية وأمانة عن واقعنا وما وصلنا إليه. وأضاف آل زلفة أن تنظيم مثل هذا المؤتمر يعد من الأفكار الرائعة ويؤكد حالة البحث المستمرة التي يعيشها العربي مع قضاياه، مضيفا أنه مرت دهور من الزمن انقطعنا فيها عن عصر العطاء الفكري الزاهر إلى أن جاء منتصف القرن ال19 وبدأت نهضة فكرية طلائعية قادها المفكر محمد عبده وجمال الدين الأفغاني والتي انطفأت فجأة بعد أن انعقد عليها كثير من الآمال. ونحن نتأمل أن يستطيع العرب تحديد موقعهم وتأكيد مكانتهم اللائقة بهم وبإرثهم الحضاري الكبير. عضو مجلس أمناء مؤسسة الفكر العربي الشاعر عبدالعزيز بابطين قال إن الجميع يدرك أن الأمة العربية تأخرت كثيرا في اللحاق بالركب العالمي وأنه لا بد أن يكون لنا مكانة بين الأمم، ومن هنا يأتي دور مؤسسة الفكر العربي والتي تعتبر مؤسسة عربية وليست إقليمية، وهي مؤسسة زاوجت بين المال والعلم والثقافة واستطاعت أن توجد لها مكاناً بين المناشط العربية، مؤكدا أن أية تنمية تنطلق من التنمية الثقافية، وإذا تمكنا من ذلك فقد وضعنا أنفسنا بالمكان الصحيح. ونحن في مؤسسة الفكر العربي نحرص على ذلك من خلال مراكز الترجمة والتي ستقدمنا للقارىء من كل مكان.