عقب وصول رئيس الوزراء اللبناني المستقيل سعد الحريري إلى العاصمة الفرنسية باريس، أمس، ولقائه الرئيس إيمانويل ماكرون، أجمع محللون ومراقبون على أن الدبلوماسية الألمانية، وقعت في فخ الإشاعات، في وقت لا تعد الاتهامات المغلوطة التي صرح بها وزير الخارجية الألمانية زيجمار جابرييل، تجاه المملكة، هي الأولى من نوعها، بل سبقتها تسريبات عن الاستخبارات الألمانية، قبل نحو عامين، تحذر فيها مما أسمته سياسة المملكة في المنطقة. وكانت السعودية قررت أمس، دعوة سفيرها في ألمانيا للتشاور، وسلمت السفير الألماني لديها، مذكرة احتجاج، عقب التصريحات المغلوطة لوزير خارجيتها، زيجمار جابرييل، والتي اتهم فيها حكومة المملكة باحتجاز رئيس الوزراء اللبناني المستقيل، سعد الحريري. وصرح مصدر مسؤول في وزارة الخارجية -تعليقا على التصريحات غير الصحيحة التي أدلى بها وزير الخارجية الألماني زيجمار جابرييل خلال لقائه نظيره اللبناني- أن تلك التصريحات تثير استغراب واستهجان السعودية، وتعدّ المملكة أن مثل هذه التصريحات العشوائية المبنية على معلومات مغلوطة لا تدعم الاستقرار في المنطقة، وأنها لا تمثل موقف الحكومة الألمانية الصديقة التي تعدها حكومة المملكة شريكا موثوقا في الحرب على الإرهاب والتطرف، وفي السعي إلى تأمين الأمن والاستقرار في المنطقة. موقف غير مسؤول يشير مراقبون إلى أن وزير الخارجية الألماني، جابرييل، ينتمي إلى الحزب الديموقراطي الاجتماعي (SPD)، وهو حزب يختلف عن الحزب الذي تنتمي إليه المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، بما يفسر أن تصريحاته بحق المملكة، ليست الأولى من نوعها، إذ تؤكد المستشارة الألمانية دوما على المكانة المهمة والكبيرة للمملكة، وسبل تقوية العلاقات الثنائية في جميع المجالات. وتنتمي ميركل إلى حزب محافظ يتبنّى مواقف أكثر عقلانية تجاه مختلف القضايا الإقليمية، بما يضمن مصالح بلادها في المقام الأول، فيما يدير جابرييل ملف السياسة الخارجية، إلا أن نفوذه يبقى محدودا أمام ميركل، وهو ما يعني أن موقف الوزير ليس معبرا بالضرورة عن السياسة الألمانية، لكنه محرج لها. تعقب العثرات بالعودة إلى التسريبات التي تلقفتها وسائل إعلام ألمانية قبل عامين، استدركت الحكومة الألمانية موقفها، وأكدت في تصريحات علنية أن المملكة تعد شريكا رئيسيا ومساهما فعالا في تحقيق الاستقرار بمنطقة الشرق الأوسط. وأوضح أستاذ الإعلام السياسي في جامعة الملك سعود، الدكتور عادل المكينزي، أن التصريحات الأخيرة المسيئة للمملكة، تشير إلى وجود مسارين: أولهما، أن وزير الخارجية الألماني قد يسعى إلى إحراج حكومة بلاده مع المملكة، كون البلاد مقبلة على تشكيل حكومي جديد خال من وزير الخارجية الحالي، وثانيهما أن جابرييل تأثر بتغلغل اللوبيات الإيرانية الخفية داخل بلاده، مشيرا إلى أن هذا المسار يتماشى مع المواقف المتطابقة التي أظهرتها برلين، بالتزامن مع توقيع الاتفاق النووي. تصريحات منفردة شدد المكينزي على أن تصريحات وزير الخارجية الألماني، لا يمكن أن تؤثر على العلاقات الثنائية بين الرياضوبرلين، وذلك بعد أن أكد وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، أن المملكة تعدّ التصريحات لا تمثل موقف حكومة برلين، والتي تعدها شريكا موثوقا في الحرب على الإرهاب والتطرف. وأبان المكينزي أن الدبلوماسية السعودية تسير وفق سلوكيات مرموقة لا تعتد بمثل هذه التصريحات المشينة، مستشهدا بموقف المملكة من الادعاءات التي ظهرت عام 2015، وأن المملكة تسير وفق منهجية واضحة لا لبس فيها. وطالب المكينزي بعدم إخراج تصريحات المسؤول الألماني عن سياقها الواقعي، خاصة في ظل التغييرات التي ستشهدها حكومة المستشارة، أنجيلا ميركل، واصفا توقيت هذه التصريحات بالمكايدة السياسية الداخلية، إلى جانب الحضور الإيراني، وتحركات الأذرع الموالية له في ألمانيا. ردود فعل واسعة تناولت وسائل إعلام ألمانية بكثرة، التصريحات المستهجنة لوزير الخارجية الألماني، إذ ربطت بين مغادرة رئيس الحكومة اللبنانية المستقيل، سعد الحريري، والتطورات الأخيرة. وأشار موقع تلفزيون «دويشته فيله» الألماني، إلى أن الحريري وصل إلى باريس، وهو ما سيؤثر على العلاقات الألمانية السعودية سلبيا، لافتا إلى أن ردود المسؤول الألماني لاقت تحركات سعودية غاضبة، ونفى الحريري تصريحات جابرييل، عبر وصوله إلى باريس. كما تناولت أبرز وكالات الأنباء العالمية، خبر مغادرة الحريري وتغريدته التي أشارت إلى أنه في طريقه إلى المطار، وحوت نقدا لاذعا لوزير الخارجية الألماني، إذ نشرت وكالات أنباء عالمية مثل «رويترز»، و«فرانس برس»، و«بي بي سي»، و«سي ان ان»، إضافة إلى مواقع أخرى، أبرز التطورات، وهو ما يعد تأكيدا لمصداقية المملكة، منذ اليوم الأول لاستقالة الحريري، وبما يؤكد وجود دوافع سياسية وراء الحملات ضد المملكة. وبحسب مراقبين، تسببت مغادرة الحريري إلى باريس، في إحراج بالغ لكثير من الشخصيات السياسية والإعلامية التي تورطت في مواقف ضد المملكة خلال الأيام القليلة الماضية، بعد أن ثبت عدم صحة هذه المواقف المغلوطة. ورطة دبلوماسية 1. وصول الحريري بعد ساعات من تصريح جابرييل 2. نفي الحريري الاداعاءات 3. استدعاء المملكة سفيرها في ألمانيا للتشاور 4. تسليم السفير الألماني مذكرة احتجاج 5. اتهام الإعلام الألماني للوزير بالتسرع