يجدر بالفلسطينيين أن يتحرروا من احتكارهم مكانة الضحية لتحرير أنفسهم من كثير من الأساطير والأوهام التي أضرت بهم وبكفاحهم من أجل حقوقهم ومن أجل كونهم بشراً. وفي ظل صمت الغرب عن انتهاكات «قتل وتشريد واغتصاب» وشتى أنواع العذاب التي تواجهها الدولة الفلسطينية كل يوم وكل ساعة على أيدي قوات الاحتلال الإسرائيلي، وفي ظل صرخات تدوي في قلب كل عربي تندد بما يقوم به اليهود ضد إخوانهم الفلسطينيين, يخرج إلينا رئيس مجلس الأمة الكويتي «مرزوق الغانم» ليتحدث باسم ولسان كل عربي بعيداً عن العرب وموقفهم المتخاذل، حيث بدأ «الغانم» حديثه قائلاً: «عليك أيها المحتل الغاصب أن تحمل حقائبك وتخرج من القاعة بعد أن رأيت ردة فعل برلمانات العالم، اخرج من القاعة إن كان لديك ذرة من كرامة.. يا محتل يا قتلة الأطفال، أقول للمحتل الغاصب، إن لم تستح فافعل ما شئت». وتعالت أصوات الإشادة بموقف مرزوق الغانم، بين المشاركين في مؤتمر الاتحاد البرلماني الدولي، حيث جاء موقف رئيس مجلس الأمة الكويتي على خلفية موضوع البرلمانيين الفلسطينيين المعتقلين في السجون الإسرائيلية، ولم يكن التصفيق فقط في قاعة الاجتماعات، بل كان أمام التلفاز، فما من عربي شاهد موقفه وحديثه إلا وقام بالتصفيق وتمنى أن يكون مكانه. لقد استمرت انتهاكات حقوق الإنسان في فلسطين لأكثر من خمسين عاماً، وقف فيها العرب موقف المشاهد، على أيدي الصهاينة اليهود، فالعديد من الممارسات التعسفية الإسرائيلية نفذت باسم الأمن في الضفة الغربية، استخدمت فيها قوات الأمن الإسرائيلية القوة المفرطة بشكل روتيني في حالات فرض الأمن، أو استخدمت الذخيرة الحية لتقتل وتصيب بجروح خطيرة آلاف الفلسطينيين قاذفي الحجارة وآخرين. كان يمكن استخدام وسائل أقل حدة لتفادي التهديد أو المحافظة على النظام، وكل ذلك في صمت دولي. على المجتمع العربي، بعد عقود من الفشل في كبح التجاوزات المرتبطة بالاحتلال، أن يتخذ تدابير أكثر فعالية لإجبار السلطات الإسرائيلية على احترام التزاماتها بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي. يجب أن توقف إسرائيل الأنشطة المنفذة داخل المستوطنات، وتغير السياسات التي تدعم الأنشطة والبنية التحتية المتعلقة بالاستيطان، بما يتماشى مع حقوق الإنسان التي غابت عن الأراضي الفلسطينية منذ أن أتى ذلك الاحتلال الغاشم. فمنذ أيام قليلة مضت كانت الذكرى المئوية لصدور «وعد بلفور» الذي منحت بموجبه بريطانيا الحق لليهود في إقامة وطن قومي في فلسطين، وصادقت عليه القوى الكبرى، فقد أعطى ما لا يملك إلى من لا يستحق، وفعلاً صدق فيهم قول مرزوق الغانم «إن لم تستح فافعل ما شئت».