بالأمس القريب ولمواكبة ركب الصناعة العالمي، نسجت القيادة حلما حاك أطرافه الملك فيصل وولي عهده آنذاك الملك خالد، وببلورة كاملة من الملك فهد، رحمهم الله جميعا، وبمشاركة أبناء الوطن المخلصين ارتسم الحلم حقيقة بفضل الله تعالى، فقامت الهيئة الملكية للجبيل وينبع كقطبي نمو وطنيين يشع خيرهما لأنحاء الوطن، وبعزيمة الرجال شيدت مدينة الجبيل الصناعية كأكبر مشروع هندسي عرفه الإنسان، وشيدت قلعة أخرى هي مدينة ينبع الصناعية، ولاح في السماء عملاق الصناعة سابك، ثم أكمل الملك عبدالله -رحمه الله- مسيرة بناء الصناعة فزاد من اتساعها وأدخل مدنا أخرى، وفي العهد المجيد لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان -حفظه الله- تمت هيكلة القطاع بالكامل ليواكب معطيات العصر، وأضاف كذلك مدنا أخرى، كان هذا الحلم يلوح قبل ما يزيد على أربعين عاما، فتحقق على أرض الواقع وأصبحت الصناعة السعودية للبتروكيماويات يشار لها بالبنان، وتتصدر المشهد العالمي بمنتجات موثوقة تنافسية. ومع تغير المعطيات، وللمحافظة على القمة وليكون سقف طموحنا عنان السماء كما نصت رؤيتنا 2030، ينطلق حلم جديد باركه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان، وصاغ مفرداته بعناية تامة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، هذه المرة الحلم جاوز حدود النظريات الحالية لنمو وتخطيط المدن، فليس قطب نمو فقط، بل يتعدى ذلك ليصبح إبداعا سعوديا لجميع الحالمين في أرجاء العالم، ذلكم هو «نيوم» حلم اليوم الذي سوف يصبح حقيقة في السنوات القريبة التالية، بعون الله وتوفيقه، فملامحه النهائية واضحة تماما، وتفاصيله الدقيقة مرسومة بكل جزئياتها وجاهزة للتطبيق على أرض الواقع، نيوم سوف يحدث تغييرا في البوصلة العالمية، فإليه سوف تشير البوصلة فقط إن أردت موقعا عالي التجهيزات التقنية والبنى التحتية، وإليه أيضا سوف تتجه إن أردت العيش خارج إطار القرن الحادي والعشرين، سوف يكون وجهة رئيسية للعلماء والمخترعين والمبدعين والحالمين، ومنه سينطلق عملاق سعودي جديد يثق العالم بكفاءته وجودته، لتضاف قمم جديدة لوطننا المعطاء، سينعم -بإذن الله تعالى- الجيل السعودي القادم بعائدات هذا المشروع العظيم، وسينعكس إيجابا على كل مفردات الحياة، وقد وعد مهندسه البارع ولي العهد بأن يكون هذا المشروع باكورة لمشاريع طموحة في كل أرجاء الوطن.