عبارة استوقفتني عندما سمعتها وسألت نفسي هل فعلا عيب أن يبكي الرجل، وإن بكى هل يستنقص ذلك من رجولته؟ وهل الرجولة انحصرت في كتم المشاعر؟ كم رجلا تربى على هذا القبيل الذي تناسى إنسانية وحق هذا الرجل وغيره في التعبير عن مشاعر الحزن كتعبيرهم عن مشاعر الفرح، ولكن! أليس الرجل أيضا إنسانا؟! يا لها من ثقافة جاحفة ظلمت الرجل لتمنعه من التحرر من أحزانه ببكاء عينيه، ثقافة ظلمت كثيرين آثروا كتمان مشاعرهم وأسرارهم حتى لأقرب الناس إليهم، ثقافة علمتهم أن البوح ضعف وفيه انكسار لهيبتهم أمام الآخرين، وإن انهار أحدهم وصمه الكثيرون بالضعيف وشبيه النساء، (عيب الرجل لا يبكي وماذا تركت للنساء) بعبارات لا ترحم حزنه العميق، للأسف نسوا أنه إنسان وله من المشاعر والأحاسيس. فلماذا لا يبكي الرجل؟ ومقارنته مع الرجل الغربي، فهو يحتاج البكاء، لكنه يبكي.. فثقافة مجتمعه علمته البكاء ليفرغ كل ما يعتري قلبه من أحزان وآلام، فلمَ لا تبكي يا رجل، فالبكاء لا يقتصر على المرأة ولا على الأطفال إن سأل أحدنا؛ هل هناك تفسير علمي؟ ستأتي إجابة علماء النفس بأن البكاء طبيعة فسيولوجية لدى الرجال والنساء وإن كانت النساء يبكين بكثافة تفوق الرجل كثيرا لخصائص علمية في حجم المخ يحتاج للبكاء، وسيدنا وحبيبنا المصطفى -صلى الله عليه وسلم- وفي سيرته العطرة خير برهان، فقد أذرف الدمع في مواطن كثيرة ومواقف عظيمة أليس هو المبعوث رحمة للعالمين، أليس هو صاحب الخلق العظيم والقلب الرحيم، وقد كان أكثر ما تذرف عيونه بالدموع خشية ومحبة في الله ولقائه ورحمة بعباده، إنه الرحمة المهداة وخير معلم للبشرية. نسأل الله أن يضع في قلوبنا الرحمة، وأن يسكن صدورنا العطف والمودة لعباده، وأن يرزقنا الخشية منه، وأن يجعل لساننا رطبا بذكره وعيوننا تذرف دموع الخشية لجلاله، وأن يوطن قلوبنا وصدورنا وعيوننا لمواطن الغيرة لدينه ومحارمه، وأن يجعلنا ممن قال فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: (عينان لا تمسهما النار عين بكت من خشية الله وعين باتت تحرس في سبيل الله). جعلنا الله وإياكم منهما.