نورة عسيري في ظل الاستعدادات التي بلغت ذروتها لفعاليات المهرجانات بمنطقة عسير، وهي تحتضن عاصمة السياحة العربية «أبها 2017»، بين أمسيات وسهرات وفعاليات وبرامج ومخيمات، جعلت المرأة والأسرة في أول اهتماماتها، كما رُوج وكما أُعلن عبر الوسائل الإعلامية المتعددة، إلا أن المرأة غائبة بالفعل عن التنظيم، بل إن الاهتمام بها في عاصمة السياحة العربية لا يتجاوز حضورها على دكة الاحتياط، وليست شريكة في التنظيم والتفعيل. وعلى الرغم من التنوع الثقافي والفكري والإبداعي المتنوع بتنوع الإرث الثري الذي تميزت به المرأة في منطقة عسير، إلا أنها ما زالت تُغيَّب عن المشهد وعن الحراك التنموي الحضاري في المنطقة، والمتتبع والباحث في تاريخ منطقة عسير، سهلها وجبلها وواديها، يجد بما لا يدع مجالا للشك، أن المرأة لم تكن غائبة عن المشهد الاجتماعي والثقافي والاقتصادي والسياسي في يوم من الأيام عبر العصور، ولا عن المشاركة في جميع المناسبات، بل كانت مشاركتها تعد أمرا طبيعيا وتقليدا اجتماعيا، إيمانا منهم بمكانتها وما يحدثه وجودها من توازن اجتماعي، في حين أن بعض المجتمعات في تهامة منطقة عسير يعرف الشاب بأمه أكثر من أبيه في الحي، لما لأمه من دور حيوي ومكانة اجتماعية، بل إنك في بعض الأحياء في تهامة عندما تمر في شوارعها الشعبية القديمة لتبحث عن منزل، فتسأل الطفل عن نسبه بقولك: «ابن من أنت؟»، يقول: «أنا ابن فلانة» بعفوية ودون خجل. منذ سنوات، ومنطقة عسير المترامية الأطراف، والمتنوعة في الموروث الثقافي العريق فنّا بجميع أنواعه، وأدبا وتراثا تميزت به المرأة في المنطقة، إلا أن مشاركاتها لم تظهر بالشكل الذي يليق بها، عدا بعض المبادرات والدعم الذي يقدم لها على استحياء من بعض الجهات، وبالكاد ينجح في إبراز بعض الأسماء التي نقشت اسمها في المشهد الثقافي والإعلامي، ولكنه يحاط بسياج وعوازل تشوه جمالية ما يحققنه من نجاح. وعلى الرغم من أن أكثر من نصف النجاح الذي تحققه المهرجانات الصيفية والشتوية والفعاليات المصاحبة لها في منطقة عسير، تقوم على ما تقدمه المرأة في مجالات متعددة، من فن تشكيلي وحرفي وأدبي وإعلامي، إلا أن المسؤولين والقائمين على هذه الفعاليات لم يقدّروا هذه الإنجازات التي يعترفون بها ولا يثمّنونها. وخلال وجودي الفعلي في عدد من المناسبات التي تشرف عليها لجان متعددة في منطقة عسير، للقيام بدوري في التغطيات والنقل الحي للفعاليات، أتوجه بسؤال للقائمين على التنظيم في جميع هذه الفعاليات بمنطقة عسير بشكل عام، ولعاصمة السياحة العربية بشكل خاص: «أين اللجنة النسائية، وما موقع المرأة في منطقة عسير في إدارة المهرجانات والمراكز الإعلامية واللجان الفرعية للتنمية السياحية؟» أطرح هذا السؤال بعد أن بحثت وتأكدت من خلو فعاليات مهرجانات منطقة عسير من وجود لجنة نسائية في جميع المهرجانات، دون استثناء، وعدم وجودها الفعلي في اللجان الفرعية للتنمية السياحية على مستوى جميع المحافظات، وبعد أن تأكدت من أن الدعم الذي يقدم للمرأة الناشطة ثقافيا أو اجتماعيا يقدم على استحياء، وفي غالب الحالات يقدم الدعم بصفة فردية لمشاركات خجولة وليس رسمية، وكمبادرة من بعض المسؤولين وأصحاب القرار من حكام إداريين، وليس بطابع رسمي، ولم تمنح المرأة في منطقة عسير في يوم ما عضوية رسمية يعتد بها، تخولها المشاركة بشكل مستمر، الأمر الذي أدى إلى عدم الاستمرارية وعدم تكرار المشاركات من المبدعات والمثقفات والإعلاميات بمنطقة عسير. أضف إلى ذلك، فالجهات المنظمة لا تحترم هذه المشاركات، ولا تمنحها القدر الذي يليق بها من التغطيات الإعلامية، وهذا أمر طبيعي لعدم وجود إعلاميات في المراكز الإعلامية يتابعن ما يقدم في الأماكن المخصصة من مخيمات للفعاليات النسائية التي تقام على مستوى المنطقة، ولا تخصص فيها أماكن لمنسوبات الإعلام لتأدية مهامهن ودورهن بسهولة، عدا الحظر والمنع للإعلاميات من حضور بعض المواقع للفعاليات والمناسبات، في الوقت الذي وصلت فيه الإعلامية السعودية إلى الحد الجنوبي، وشاركت الجنود المرابطين في المناسبات الوطنية، ونقلت صورا ومشاهد بطولية لأبطال الحزم، كما شاركت في تغطيات حية ميدانية مع رجال الأمن. ويبقى السؤال الذي ننتظر له إجابة من القائمين على التنظيم: بعد كل الذي حققته المرأة في منطقة عسير من نجاح وإنجاز، ألا تستحق أن تُكرّم وتثمن جهودها بالاعتراف بها في لجان نسائية تحفظ حقوقها أدبيا واجتماعيا، وتكون دافعا لها لتقديم المزيد تحت مظلة رسمية، لتؤدي دورها وواجبها الوطني في التنمية الوطنية الشاملة، وتحقق تطلعات القيادة في إشراك المرأة الفعلي في المنظومة الوطنية لمسيرة التحول الوطني الذي يسعى إلى زيادة نسبة مشاركة المرأة السعودية لتحقيق رؤية 2030؟