استعان زعيم الانقلابيين عبدالملك الحوثي، بالقاضي عبدالكريم الشرعي، ليروج لمشروع من الأكاذيب التي بنيت على الرقم «727»، وشاعت بعد أشهر قليلة من انطلاق عاصفة الحزم، مستندة إلى كتاب «الجفر» الذي ينسبه الحوثي إلى الخليفة علي بن أبي طالب، مدعيا أنه يحمل معلومات تتنبأ بأحداث اليمن وتحكي مستقبله، ووزعت تلك المعلومات المستندة إلى جمل تقابلها أرقام من علم الجمّل، مبشرة كذبا بانتصارات حوثية مقبلة «أكدت الوقائع على الأرض أنها انقلبت إلى هزائم ألحقها التحالف بالمتمردين». (727).. رقم مثل كل الأرقام، لكن الحوثي بكل ضلالاته وخزعبلاته وألاعيبه التي مارسها على الجهلة من أتباعه جعل له خصوصية، مبشرا بأنه مفتاح انتهاء الحرب في اليمن، وأنه مسافة الأيام الفاصلة عن هزيمة التحالف فيه، وعن سقوط عسيرونجران وجازان بأيدي الأتباع الغافلين السذج، وهو ما كذبته الوقائع على الأرض، فلا الحرب انتهت على الرغم من مضي مدة أطول بكثير من تلك التي حددها، ولا استطاع الأتباع أن يقتربوا حتى من الحدود التي تفصلهم عن عسيرونجران وجازن حيث أسقطتهم الدفاعات السعودية وأوقعتهم بين قتلى وجرحى وأسرى. وتبدأ قصة الرقم (727) من ادعاء عبدالملك الحوثي بعد أشهر من انطلاق عاصفة الحزم أن كتاب «الجفر» الذي ينسبه لرابع الخلفاء الراشدين علي بن أبي طالب يحمل معلومات تتنبأ بأحداث اليمن وتحكي مستقبله، واستعان بقاضي من صنعاء يدعى عبدالكريم الشرعي ليكون مروجا لمشروعه وأكاذيبه، وصانعا لتلك الأرقام والحروف، مدعيا أنه يكشف معلومات لا يعلمها العامة، وأنه يستطلع المستقبل وأسراره، ووزعت تلك المعلومات التي تحمل كلاما وجملا تتعلق بأحداث المرحلة مبشرة بانتصارات حوثية مقبلة، وربطت كل تلك المعلومات والأحداث بالرقم (727). ووضع الحوثي أمام كل كلمة يريد تبريرها لأنصاره الرقم الذي يتوافق مع حروفها، لتظهر بجمله تدعم الانقلابيين، وكتب الشرعي أن خلاصة الحساب تؤكد أن الحرب في اليمن ستنتهي في 727 يوما، وكانت تلك الأكذوبة الأولى. وأضاف أن الحوثيين لن ينتصروا إلا إذ استخدموا صاروخ توشكا (استخدموه منذ بداية حربهم)، مؤكدا أن ذلك سيحقق لهم احتلال عسيرونجران وجازان، مضيفا في رسالة متداولة عبر وسائل التواصل الاجتماعي أن هذه القاعدة الأساسية المتعارف عليها في حساب الفلك والزيرجة والتنجيم. رهناء للأوهام اعتمد الحوثي في تضليل اتباعه على السحر والشعوذة والطلاسم الكاذبة، وهي المهنة التي مارسها بدرالدين الحوثي في ضحيان وصعدة على مر عقود طويلة، وجنى منها الأموال، معتمدا مخادعة البسطاء والسذج، وكوّن رغم أميته المفرطة وجهله المدقع ثروة، مدعيا أنه الشافي والنصير والملجأ الذي ييسر الأمور ويشفي المرضى ويرزق الناس، وسيطر بتلك الخزعبلات على عقول كثيرين خدعوا بأنه قادر على شفاء المريض برشفة ماء نفث فيها، أو رزق مسخر بورقة كتب عليها، أو حماية الأجساد بطلاسمه. والتف حول الحوثي أناس صدقوا خزعبلاته، وصبوا الأموال من حوله صبا، على الرغم من فقرهم، وحين مات سيدهم، أصروا على البقاء رهناء للأوهام، فالتفوا حول نجله حسين، فما زادهم إلا فسوقا وكفرا، وكان الوحيد في تلك الأسرة الأمية الذي يجيد القراءة، لكنها قراءة تحريف الكلم عن مواضعه وحرف القرآن، وتبعه القوم من الجهلة وآمنوا بخرافاته وخزعبلاته، وصدقوا أن نهايته من الدنيا ستكون بالرفع إلى السماء، إلا أن رصاصة من مسدس العميد جواس في كهف مران بصعدة كتبت نهاية أكذوبته، ليتسلم المسيرة عقبه أخوه عبدالملك الحوثي، ويواصل العبث بأرواح الناس بالخداع والدجل، لكنه طور خزعبلات من سبقه، وأتى بما لم يأت به من قبله أهله الضالون، فلم يتوقف عند أكذوبة «مفاتيح الجنة» و«حروز الحفظ» و«طلاسم الكرامات»، التي يدعي أنها تحفظ المقاتلين في أرض المعركة من الموت وتنتشل جثثهم عبر أرواح طاهرة لتنقلها إلى مقابر السادة في صعدة، بل ادعى الأشد، مشيرا إلى أنه يتلقى الأوامر والتوجيهات مباشرة من خالق السموات، وأنه يتخاطب مباشرة مع الإله دون وسيط أو شفيع، لكن كذب الحوثي سرعان ما انكشف، فشاهد أتباعه جثث قتلاهم تأكلها الكلاب وتنهشها الطيور، وتابعوا طلاسمه التي يحملها المقاتلون تحترق، والمفاتيح التي ادعى أنها مفاتيح الجنة تتناثر، فأدرك بعضهم حقيقة الخدعة. تبشير كاذب أكد رئيس المجلس الأعلى لأبناء محافظة صعدة الشيخ عبدالخالق بشر ل«الوطن» «استخدام جماعة الحوثي السحر والشعوذة والكذب منذ وقت مبكر لتضلل أتباعها، واتفقت في هذا مع توجهات المخلوع علي صالح الذي أراد استخدام ذلك كورقة يستفيد منها لاحقا، لكن الحقائق كشفت أكاذيبهم، على الرغم من فبركتهم صورا ادعوا فيها احتلالهم مواقع سعودية في نجرانوعسير وجازان لتأكيد تحقق تنبؤاتهم الكاذبة، ومن شكك بذلك قتلوه». وأضاف «دلسوا بكثير من الأخبار التي لم تتحقق، ومنها إعلانهم قبل سنتين أنهم سيسيطرون على اليمن خلال أشهر، وأنهم سيحتلون دول الخليج خلال 7 أشهر، وأن الناس ستحج (العام الماضي) دون جواز سفر وبسلاحهم الشخصي، وأنهم سيحتلون (قبل عام) نجرانوعسير وجازان. خدعة الرصاصات الضوئية يقول عبدالجبار قاسم «التحقت بالحوثيين مطلع عام 2015، متأثرا بإشاعات عن منحهم مرتبات مجزية للملتحقين بصفوفهم، ودخلت دورة تدريبية لأسبوع، ولم تكن دورة تدريبية على القتال، بل دورة لمعرفة ما يسمى بعلم الكتاب، وأن لديهم حصونا وحروزا تكفينا شر القتال، ناهيك عن مفاتيح الجنة، وكانوا يريدون إيهامنا أن موتنا بالرصاص أمر مستحيل لأن التمائم والحروز تحمينا منه، وأننا سنجد أنفسنا في الرياضوجدة والمنطقة الشرقية السعودية إن لم نقتل بأرض المعركة. كانوا يلقنوننا ذلك باستمرار، ولإقناعنا ربط أحد القياديين ورقة صغيرة برأس شاة وأطلق على رأسها ومن مسافة نحو 30 مترا أكثر من 30 رصاصة متتالية، لكنها لم تصب بأذى، ما أثار دهشتنا، وزاد يقيننا أن الورقة تحمي حاملها، وأن تلك المفاتيح هي مفاتيح الجنة، ولم ينتبه أي منا أن تلك الرصاصات عبارة عن أعيرة ضوئية فقط تنطلق من الرشاش باتجاه الشاة.. انطلت تلك الكذبة علينا، وحملنا أسلحتنا وتوجهنا للجبهة وأثناء مواجهة ليلية قوية كنت أشاهد صحبتي من المقاتلين حولي يتساقطون قتلى، فلم تنفعهم تلك الأوراق ولم تمنع الرصاص من اختراق رؤوسهم وأجسادهم، فأدركت أن الأمر كذبا، وأن تلك الأوراق ليست سوى وهم، ولذا قررت الفرار وكان أمرا صعبا لكن إصابة أحد القادة الحوثيين ورغبته بالفرار عقبها وحرصه على أن أساعده سهلت لي الأمر، فقد ذهبنا إلى موقع آمن، وبدأنا نتحدث وكسب كل منا ثقة الآخر، وسألته لماذا لم تحمينا تلك الأوراق؟، فضحك وقال لي: هل تصدق هذا الكلام؟، فقلت: رأيت أحدهم يطلق على الشاة رصاصا فلم تصب، فقال: تلك كانت رصاصات ضوئية وليست حية حتى تقتل، وأردف: لا أحمل أي أوراق لأنني أعرف حقيقتها، وهم يستخدمونها لرفع معنويات الشباب السذج. ويضيف قاسم «غادرنا الموقع سيرا لمسافة 5 كلم، وحين وصلنا تبة المصارية شاهدنا جثث الحوثيين متناثرة بين قمة التبة وسهلها بعد غارة جوية لم ينفعه معها لا طلاسم ولا أوراق ولا أوهام». مفاتيح الجنة وأرقام البوابات اعترف القيادي الحوثي المكنى أبوالزهراء ل«الوطن» بأنه بصفته مشرفا على عدد من المجموعات تسلم أكثر من 1200 مفتاح لتسليمها لأفراد مجموعاته، تسمى مفاتيح الجنة، وقال «تلك المفاتيح يصنعها حدادون في موقعين شهيرين في الحديدة وصعدة، والحديث عن أنها مفاتيح الجنة سفاهة وضحك على العامة، حيث تزين ببعض النقوش أو الصور، وكثير منها تحمل صور الخميني وحسين بدر الدين الحوثي، وكل مفتاح له سلسلة صغيرة يمكن ربطها في معصم اليد، أو العنق». وأضاف «بعض المفاتيح مكتوب عليها «مفتاح الفردوس»، ورقم البوابة التي سيدخل حاملها منها حتى لا يكون على البوابات زحام، والمضحك والمخجل أنه في إحدى جلسات توزيع المفاتيح كان أحد المشرفين يقول في كلمته أن كل شخص سيكون له رقم خاص ببوابة الجنة ولا يمكن أن يكون هناك رقمان متشابهان، لأن هذه المفاتيح معجزة إلهية تنزل من السماء على السيد عبدالملك، إلا أنه بعد توزيعها ظهر رقم مكرر (117) ما زلت أذكره جيدا، حيث لاحظ أحد المقاتلين أن الرقم على مفتاحه مكرر مع مفتاح صديقه، وعند سؤال المشرف قال «هذه البوابة كبيرة جدا، ويمكنكم الدخول معها سويا كونكما نحيفين، وهذا دليل أنكما ستستشهدان معا». وكان الحوثي يقول إن من يحمل ذلك المفتاح ويقتل في معركة سيدخل الجنة مباشرة للجنة دون سؤال أو حساب، لكن كثيرا من القتلى لم تكن معهم مفاتيحهم لتناثر أشلائهم. طلقات جواس تنهي الرفع للسماء كان حسين الحوثي يروج مطلع عام 2002 أن نهايته ستكون بالرفع للسماء، وأن خلفه سيكون عبدالله أكبر أبنائه، لكن عام 2004 كذب ادعاءه، حيث سقط قتيلا في كف مران، وتشرد أبناؤه من بعده. يقول قائد محور صعدة، العميد ثابت جواس «حاصرنا صعدة حصارا شديدا، وتقدمنا إلى كهوف مران، وأتتنا توجيهات من المخلوع بالعودة لمواقعنا بعد جهودنا وتضحياتنا الجسيمة، فرفضنا تلك الأوامر، وواصلت ومن معي حيث لم يكن يفصلنا عن دخول الكهف الذي يختبئ فيه حسين الحوثي إلا أمتارا قليلة، فحاصرنا الكهف ثم اقتحمناه، وكان حسين الحوثي يرتعد خوفا، وحاول تصويب مسدسه نحوي لكنه لم يستطع إطلاق الرصاص، فعالجته بطلقة واحدة في رأسه فقتلته، ووجدت معه ورقة كبيرة ملفوفة طولها 5 أمتار تحمل طلاسم وحروز وشعوذة وأسحار ربما كان يعتقد أنها ستحميه من الموت، وما زلت أحتفظ بالمسدس الذي قتلت به حسين وكذلك بورقته». عسيرونجران وجازان وضح المنشق عن الحوثيين، علي مسفر «غرر بنا الحوثيون وأوهمونا أننا سنحتل عسيرونجران وجازان بطرفة عين، وحملونا ليلا وأعيننا مغطاة في عربات وأنزلونا في مكان لا نعرفه، وقالوا أنتم حاليا في جبال عسير، لقد تجاوزنا الحدود وسندخل المدينة قريبا، قمنا بربط أعينكم وفق أوامر ربانية لأن قائدا من الجن حملكم إلى هنا، فقط إذا تجاوزنا هذا الجبل سننهي المعركة بالانتصار، لكننا اكتشفنا لاحقا أننا كنا نقاتل في جبال مأرب». صنيعة الخميني بيّن رئيس المجلس الأعلى لأبناء محافظة صعدة محمد قاسم سحاري «اعتمد البيت الحوثي على السحر والشعوذة والدجل، وكان بدر الدين الحوثي والد عبدالملك وحسين يمارس السحر في حيدان بصعدة، فينتزع شعرة من لحيته ويوهم مرتاديه بعلاج مريض أو فك طلاسم أو جمع زوجين أو تفريقهما، ويتقاضى مقابلا ماليا عن ذلك، والحوثيون يدعون أن لقبر الهادي في صعدة بركة عظيمة، وهناك شجرة معروفة في خولان في جبل أبوزوبعة لا يزالون يذبحون لها حتى الآن، ويعتقدون أنها ضارة نافعة، وقد صنع بيت الحوثي لأنفسهم قداسة بأنهم مصطفون ومقدسون ومختارون وما يقولونه يمضي مباشرة، واستغلوا جهل الناس وحبهم لأهل البيت للترويج لمصالحهم الخاصة، حيث دأب بدرالدين الحوثي مثلا على مخادعة الجهلة، مدعيا أنه يحج ويقف في عرفة، ثم يصلي صلاة العيد مع الناس في اليمن، كأنما هو أسرع من الطائرة أو أنه عرج به، وعلى الرغم من أن هذا لا يصدق إلأ أنه وأبناءه ضللوا كثيرين وجعلوا لأنفسهم قداسة تصل إلى مخاطبة الله سبحانه وتعالى وأنهم مؤيدون منه مباشرة». وأوضح سحاري أن ما يسمى بمفاتيح الجنة لم يكن معروفا في اليمن، لكن فكرته أتت من إيران بعد حربها مع العراق، وما صنعه الخميني من أكاذيب عندما منح مفاتيح الجنة لمن سماهم مجاهديه ضد صدام حسين. تفنيد كشف أحد علماء الزيدية، الباحث في الحركات الإسلامية أحمد مفضل ل«الوطن» عن أن «علم الجفر الذي يدعيه الحوثيون جزء من علم التنجيم، وكثيرون كتبوا فيه وعنه، فمنهم من قال إن القيامة ستكون في 2013 و2017، لكن الحوثيين سخروا تلك الأكاذيب لخدمة مصالحهم فقط، ولعبوا على الأرقام. والحوثيون يتحدثون عن كتاب الجفر وينسبونه لعلي بن أبي طالب وهذا غير صحيح، فلا علاقة له بهذا الكتاب، وقد يضعون أمرا يتوافق مع الصدق ولكنهم بالمقابل يكذبون ألف كذبة، ولذا يركزون على ما تصادف صدقه ويصرفون النظر عن آلاف الكذبات الأخرى». وأضاف «الحوثيون اختاروا الجهلة والأغبياء والأميين لأنهم الأكثر تأثرا بخزعبلاتهم، ولذا حصروهم بمتابعة قناة واحدة، والاستماع إلى نشرة أخبار من جهة محددة، والجلوس إلى شيخ بعينه، ورغم كذبة الرقم «727» إلا أن أتباعهم ما زالوا يصدقون ما يمليه عليهم الحوثي الذي يستعين بكتب موجودة في النجف وقم، ويخضعها لمصلحته ويحرفها وفق أهوائه».