بعيدا عن ضراوة المنافسة داخل مستطيلها الأخضر، قدمت كرة القدم تقليدا رائعا -وإن كان غير إلزاميا- تمثل في الممر الشرفي لتحية الفريق المتوج في المباراة التالية مباشرة من مباراة حسمه اللقب، في بادرة حضارية ترسخ المعنى الحقيقي للروح الرياضية بين الفرق المتنافسة، وإظهار الاحترام للبطل، ابتدعها الإسبان منذ ربع قرن، وظهرت مجددا على نطاق أوسع في العقد الأخير، خصوصا في إنجلترا، تعزز الجانب المشرق في الرياضة، وتسهم في القضاء على حدة التعصب بين جماهير اللعبة. تصفيق وورود شهدت الملاعب السعودية الموسم الماضي ظهور الممر الشرفي مرتين، عندما اصطف لاعبو الفتح لتحية نظرائهم في الأهلي قبل مباراة الفريقين بملعب «الجوهرة»، والتي شهدت في نهايتها تتويج الأخير بلقب دوري جميل، وكان الرائد بادر في الجولة السابقة بتشكيل لاعبيه ممرا شرفيا لحظة دخول لاعبي الأهلي إلى ملعب مدينة الملك عبدالله ببريدة، وتهنئتهم بتحقيق اللقب في صورة عكست حقيقة الروح الرياضية، بيد أن التاريخ يسجل حضور مبادرة مماثلة قبل ما يقارب 3 عقود، وإن لم تكن على شكل ممر شرفي، وتحديدا في ديربي العاصمة، حينما دخل لاعبو الهلال محملين بباقات ورد لتقديمها لنظرائهم في النصر، بعد حسم الأخير اللقب رسميا قبل مواجهتهما في الجولة الأخيرة من الدوري الممتاز موسم 1989. ثقافة إسبانية ظهرت ثقافة الممر الشرفي للمرة الأولى في الدوري الإسباني، وتحديدا في ملعب «سانتياجو برنابيو» في العاصمة مدريد، بعد أن وقف لاعبو الريال في ممر شرفي لنظرائهم في المنافس الأزلي برشلونة، بعد أن شاءت الصدفة أن تشهد الجولة الأخيرة مواجهة الكلاسيكو ختام موسم 1991، بعد حسم البرشا اللقب قبلها ب4 جولات، بقيادة مدربه الهولندي الراحل يوهان كرويف، وبسبب ضراوة التنافس بين الفريقين، لم يكن أحد حينها يعتقد أن هذه الفكرة ربما تتكرر مستقبلا، بيد أن الجولة ال36 من موسم 2008 أعادت السيناريو ذاته، ولكن هذه المرة كان الدور على برشلونة، حينما قام لاعبوه بالوقوف في ممر شرفي لتحية لاعبي مضيفهم الذي حسم اللقب في الجولة السابقة. فرصة مثالية يبقى الممر الشرفي أحد المظاهر الرياضية الرائعة، ويمثل رسالة ذات معان إيجابية للجماهير الرياضية بمختلف ميولها، ربما تعجز عن إيصالها وسائل أخرى لوضع حد لظاهرة التعصب التي انتشرت بصورة مقيتة في الوسط الرياضي السعودي في الآونة الأخيرة، ويترقب الوسط الرياضي إجمالا مواجهة الهلال والنصر هذا المساء، في مناسبة ستحظى بتغطية إعلامية موسعة تصل إلى خارج الحدود، وتعد فرصة مثالية فرضتها جدولة دوري هذا الموسم لتكرار ظهور الممر الشرفي للموسم الثاني على التوالي، وتحفز على تحول هذا التقليد مستقبلا إلى عادة سنوية تمثل صورة إيجابية تعكس ما يفترض أن تكون عليه طبيعة التنافس بين جماهير الأندية السعودية.