مشهد يملؤه الهدوء والسكون، وروحٌ تنازع الموت (النفوق)، يقاومها ويسعفها طبيب الصحراء خلف كثبان رملية وأشعة شمس حارقة، لم تشغله عن أداء واجبه نحو الرفق بهذا الجمل الذي يلفظ أنفاسه الأخيرة، ولكن الطبيب البيطري علي سباع مازال يحاول أن ينعش تلك الروح، وآماله وتركيزه كله نحو هذا الحيوان إلا أنها أبت لأن أمرها بيد خالقها..... هذه اللوحة الفنية الصامتة فازت في العام السابق 2016 بجائزة أفضل صورة على مستوى المملكة للرفق بالحيوان في اليوم العالمي للطبيب البيطري الذي يقام كل عام في أبريل في آخر يوم سبت منه، تلك الصورة الرائعة في معانيها للرفق بالحيوان تجسد حال الطبيب البيطري اليومي وعمله المتفاني في خدمة قطاع الثروة الحيوانية في وطننا الغالي، ودوره في مكافحة الأمراض المستوطنة والعابرة بين الدول، ووضع الخطط الاستراتيجية للاستقصاء الوبائي للأمراض والإشراف على صحة اللحوم ومشاريع الدواجن، ويعد ركيزة مهمة لصحة الغذاء من المزرعة إلى المائدة، ناهيك عن دوره التوعوي في موضوع هذا العام لليوم العالمي للطبيب البيطري، وهو مكافحة الميكروبات المقاومة للمضادات الحيوية، كل ذلك لأداء واجبه الأخلاقي والديني والمهني، وكان آخرها مشاركة الأطباء البيطريين في مهرجان جائزة الملك عبدالعزيز للإبل، ودورهم في نجاح تلك المناسبة الغالية على قلوبنا مع زملائهم من الجهات الحكومية الأخرى. طبيب الصحراء يترقب سنويا هذا اليوم الذي يعتبر المناسبة الوحيدة التي يجدد فيها آماله وطموحاته، ومن أهمها موضوع الكادر الطبي البيطري الذي ظل حلما يراود الأطباء البيطريين طوال السنوات السابقة، وقد تبنت وزارة البيئة والمياه والزراعة متمثلةً في وكالة الوزارة للثروة الحيوانية مشكورة على عاتقها هذا الملف الكبير، فأصبحت بذلك الحاضنة لهم، والجناح الذي يقف تحت ظله الأطباء البيطريون في السعودية رغم اختلاف الوزارات والهيئات الخاصة والعامة التي يعملون فيها، فأصبحت أمانيهم وطموحاتهم متجهةً نحو هذه الوزارة القيادية، فأدى إلى أن يكون عتابهم ونظراتهم وثناؤهم لها، وهنا تحضرني مقالة الدكتور حسين أبوالسعود بتاريخ 07 /04 /2017 بصحيفة «الوطن» في زاوية نقاشات بعنوان «طبيب وطبيب وبينهم المستحيل»، حيث وجه الكاتب عدة تساؤلات لوزارات معنية بطموح الطبيب البيطري، كما سلط الضوء على مخرجات التعليم وعن الكادر وعن رؤيته وطموحاته كطبيب بيطري. التساؤلات والآمال والطموحات للطبيب البيطري مازالت مستمرة مع اجتهاده في أداء واجبه، فهل يا ترى نجد إجابات لتساؤلات أبوالسعود، ونشاهد طبيب الصحراء علي سباع وهو مبتسم في هذا اليوم بعد حزنه على فراق تلك الروح التي أخذ منها مسماه ليحدثها بنظرات حزن ولسان حاله يقول: سوف تغطيك الرمال يا سفينة الصحراء، رغم فوزه بجائزة أفضل صورة إلا أنه سيستمر مشوار الطبيب البيطري في تلك الصحراء القاحلة لإنقاذ روح أخرى.