قضيت ليلتي البارحة ساهرا متسائلا أنتظر الحقيقة وأنفض بفزع عن روحي غبار وحشية هذا العالم اللاهث خلف نهايته، أبحث عن إجابة تشبع نهم قطعان أسئلتي الثائرة ، أفكر بحزن كيف لي أن أبتكر اختراعا روحيا «يؤنسن» بعض العقول المتحجرة لتدبّ الإنسانية في عروقها! ليشعر الآخر الأقوى بذلك الآخر الأضعف حسب تصنيف «البقاء للأقوى» الجائر! في الحياة العملية الأضعف قدّر له أن يكون موظفا تحت رحمة مسؤول شركة يرى الحياة من منظور خاص لأنه لم يتذوق «صفعات» الأيام المفاجئة ولم يسامر أحزانه وحيداً في الليالي الحالكة حائراً في تأمين مستقبل أطفاله، لم يتعثر في سداد أقساط سيارة ليخرج صباحاً ليجدها في حرم البنك!، قالها بإنكسار مؤسف وهو مطأطئ رأسه «ماذا يجري» ولا حيلة أمامي أو ورائي، ألا يعلم رئيس الشركة ما يعنيه أن تذهب لمقر عملك باكرا وتتفاجأ بقرار فصلك جاهزا بانتظار استلامك له بحجة ظروف مالية، يصمت وبغصة ساخرة باكية يقول أقسم بأنه لم ير ضحكة طفلتي ريما وهي تودعني صباحا قبل ذهابي للعمل! وإلا لما استطاع توقيع نهاية أبيها بيديه! وبتساؤل مرير وهو يدير القلم بين أصابعه يقول: ترى هل يعلم مسؤولو وزارة العمل عن حجم المأساة بقطع رزق موظف بلا مقدمات؟ أم أنهم يعيشون في عوالم لا تتحدث بلغة «الكادحين» البسطاء الذين سقف آمالهم راتب منتظم وأسرة وصراعات نبيلة مع الدائنين! أربت على كتفه واللهب يتصارع في أعماقي لحال ضحايا المادة 77 المنتصرة لأصحاب الأموال على حساب من يديرون عجلة الشركات ! غادر صديقي والكون بعيني صوت ناي يأتي من الذين شردت أحلامهم، حقيقة لا أعرف هل أطالب بإعادة النظر بالمادة 77 أم أطالب بأن يعطى المسؤولون دورات في كيفية أن تشعر بالآخر قبل اتخاذ القرارات لتستشعر حجم المأساة والآلام التي ستترتب على قرارات لم تدرس جيدا!