الخرّاط هو الذي يَخرُطُ الحديد أو الخشب، أي يقوم بقصّه وتشكيله على الهيئة التي يريدها، ولهذا ربما يطلق الناس على ناقل الإشاعات والأكاذيب، الخرّاط، لأنه يقوم بعمل الخراط نفسه من قصّ وتشكيل، ولكن ليس مع الحديد والخشب ولكن مع الأخبار. ومن المؤسف جدا، أن هذا اللقب أصبح يطلق أحيانا على بعض إعلامنا وذلك لعدة أسباب، منها غياب الشفافية، والتعتيم المبالغ فيه على بعض الحوادث والمناسبات، خصوصا التي تتعلق بأمن وسلامة المجتمع، كجرائم القتل والاختطاف والسطو المسلح، والتي يحرص المجتمع على معرفة نتائجها بالتفصييل، ليس للتسلية أو التشفي، بل للتأكد من أن المجتمع يعيش في ظل القانون، وكي يشعر الناس، خصوصا النساء والأطفال، بالطمأنينة عند رؤيتهم الخارجين على القانون ينالون العقاب المستحق. قرأ علينا أحد الأصدقاء في أحد المجالس من جواله خبرا في «تويتر»، ومن حساب غير رسمي ولكنه موثّق، وكان الخبر يتعلق باعتقال صاحب السيارة الصالون الذي ضايق سيارة «ميني فان» بها مجموعة من النساء، وكنّ على ما يبدو معلمات مدارس، مما أدى إلى انقلابها. فرحنا جميعا بهذا الخبر، لأن ما قام به صاحب الصالون عمل إجرامي خطير، ويستحق عليه العقاب. علّق أحد الحاضرين على الخبر بالقول: «خراطين»، بمعنى أن الخبر غير صحيح، وعند سؤالنا له: كيف له أن يكون متأكدا بأن الخبر غير صحيح؟ رد على السؤال بسؤال قائلا: كيف لكم أنتم أن تتأكدوا أن الخبر صحيح، وأنهم فعلا قبضوا على المجرم؟ أليس ذلك المجرم المستهتر الذي ربما أزهق أرواحا بريئة بتصرفه الأرعن رجلا مثلنا؟ إذن، لماذا لا نشاهده عبر وسائل الإعلام، ولماذا لا تنشر حيثيات التحقيقات معه لمعرفة ما دوافعه للقيام بما قام به؟ ولماذا لا تنشر العقوبة التي حوكم بها ليرتدع المستهترون أمثاله، وكي ينعم الآخرون بالحس الأمني، ويشعرون أنهم يعيشون في مجتمع آمن. من وجهة نظري الخاصة، أعتقد أن ما قاله الرجل صحيح، فإعلان المجرمين -ولو بإخفاء وجوههم وإعلان العقوبة التي تقع عليهم- له آثار إيجابية كبيرة على المجمتع، وقد سنّ الشارع الكريم إعلان العقوبات على الملأ، وأستشهد هنا بما جاء في القرآن الكريم فيما يخص إيقاع العقوبة على الزاني والزانية حين يقول: «وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين»، والحكمة في ذلك ليعلم الجميع أن حدود الله قائمة، وكي يرتدع كل من تسول له نفسه القيام بالعمل المشين نفسه.