وسط هزائم متتالية لتنظيم داعش في مدينة الموصل العراقية، واستعدادات عسكرية للقضاء عليه بمدينة الرقة في سورية، تواترت الأنباء عن تصاعد النزعات الانفصالية للأكراد في كلا البلدين، مستفيدة في ذلك من الأوضاع الإقليمية والتجاذبات المختلفة بين القوى الدولية. وفي هذا السياق، تسعى القوى السياسية الكردية في العراق إلى تحقيق الانفصال والسعي لإقامة دولة مستقلة خلال العام الحالي. وأوضح القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني محمود فيلي، أن وفدا مشتركا يضم جميع القوى الكردية وصل إلى العاصمة بغداد للقاء مسؤولين وقادة سياسيين، لطرح الرغبة الكردية في تحقيق الانفصال وتشكيل الدولة المستقلة، وأشار فيلي إلى أن اجتماع الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني والاتحاد برئاسة جلال طالباني، قد وضعا أسس إجراء استفتاء شعبي في محافظات الإقليم لإبداء الرغبة في الانفصال، متهما الحكومة المركزية بممارسة سياسات غير ناجحة دفعت الأكراد إلى تشكيل دولتهم. من جانبه، دعا رئيس البرلمان العراقي سليم الجبوري، النواب الأكراد إلى حضور الجلسات وإعادة النظر بالمقاطعة، مع تعهد بحل الخلافات حول ملابسات رفع علم كردستان فوق المباني الحكومية في محافظة كركوك. يذكر أن الخلاف بين الإقليم والحكومة المركزية يتركز حول العديد من الملفات، أبرزها حسم المناطق المتنازع عليها، وضمان الحصول على نسبة ثابتة من موازنة الدولة، لتغطية المرتبات الشهرية للموظفين، فضلا عن عناصر البيشمركة حرس الإقليم. تحالفات بسورية فيما يشن النظام حملة دموية ضد فصائل المعارضة المسلحة في حماة وحلب وريفيهما، أرجع مراقبون وخبراء أن الأكراد الذين يشكلون النواة الصلبة لقوات سورية الديمقراطية المدعومة أميركيا والعدو الأول لأنقرة، هم اليد الأولى للنظام في تقويض تحركات المعارضة المسلحة. كما تتهم فصائل المعارضة حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي بتقديم خدمات خاصة للإيرانيين وروسيا، والولايات المتحدة، وذلك مقابل مساعدات عسكرية، من أجل السيطرة على أكبر قدر من الأراضي في الشمال السوري، حيث أعلن الحزب مؤخرا أنه يخطط لضم الرقة وإدلب تحت الإدارة الذاتية، على الرغم من وجود أقليات كردية فيهما تناهز 3 %فقط من إجمالي سكان الأولى وانعدامها في الثانية.
رفض تركيا أكدت بعض المصادر المطلعة أن حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي الذي يتزعمه صالح مسلم، استطاع بسهولة استقطاب القيادات العسكرية الكردية من هذه المنطقة، فيما يرى قسم آخر من الأكراد السوريين أن هذا الحزب اختطف القضية الكردية بقوة السلاح، وقدم نفسه ممثلا للأكراد، وهجر نحو مليون كردي من شمال سورية، أغلبهم من المعارضين لسياساته، قبل أن يقوم بتهجير ما يقرب من هذا العدد تقريبا من العرب والمسيحيين أيضا. وتصنف أنقرة جميع أذرع الحزب الكردي ضمن التنظيمات الإرهابية، وتعتبر أن أهم أولوياتها هي منع تأسيس كيان كردي انفصالي على حدودها وتمددها خوفا من تشكيل قاعدة دائمة تهدد أمنها القومي. وبحسب التقارير الميدانية، فإن معظم قادة الميليشيات الكردية ينتمون إلى أكراد تركيا العلويين، والذين يتبعون بشكل مباشر حزب العمال الكردستاني الذي تحظره تركيا وترى أنها في صراع مفتوح معه طيلة 4 عقود سابقة.