علي صقر منذ مدة ليست بالقصيرة، وبالتحديد منذ خمسة عقود عندما افتتحت الملحقية الثقافية السعودية بجمهورية النمسا عام 1384، لتقود مبادرات التعاون الثقافي والعلمي بين البلدين من خلال عدة مشاريع ثقافية ومعرفية استهدفت فتح قنوات التواصل بين المثقفين، خصوصا المبتعثين السعوديين الذين سعت الملحقية إلى جمعهم بالطبقة النمساوية المثقفة. لم يقتصر دور الملحقية الثقافية السعودية في النمسا على رعاية الطلاب المبتعثين فقط، بل امتد نشاطها خلال السنوات الأربع الماضية، بدءا من عام 2012 إلى فتح قنوات التواصل بين المبتعثين والمثقفين النمساويين وغيرهم من الدول التي تتولى الملحقية الثقافية العمل في محيطها. هذا التوجه الذي أطلقته الملحقية قبل أربعة أعوام تجاوز تقديم الخدمات لشريحة الطلبة المبتعثين،إلى فتح مسارات معرفية، وخلق روابط ثقافية مع المثقفين النمساويين، وغيرهم من الدول الأخرى، وذلك عبر خطة عمل شاملة تضمنت عدة مجالات معرفية شملت «محاضرات، وندوات، بالإضافة إلى مشاركة الملحقية في المؤتمرات العلمية، وفعاليات استهدفت التعريف باللغة العربية، وغيرها من الأنشطة الثقافية والعلمية». أبرز جهود الملحقية ونشاطها الثقافي خلال السنوات الأربع الماضية، ترجمة ما يقارب ثلاثين كتابا من مؤلفات المثقفين السعوديين المتميزة في شتى حقول المعرفة من اللغة العربية والإنجليزية إلى اللغة الألمانية رفدت بها المكتبات الألمانية والنمساوية والسويسرية لتعريف القراء عموما والطلبة والمثقفين خصوصا أبرز المؤلفات العلمية والثقافية. وتمخض عن هذا الحراك الثقافي المميز الذي قادته الملحقية في النمسا خلال مدة قصيرة، اختيار المملكة العربية السعودية في عام 2013 لتكون ضيف الشرف وشريكا أساسيا في معرض فيينا الدولي للكتاب لأول مرة في تاريخ المعرض الذي يعد من أشهر معارض الكتب في أوروبا. وإيمانا من الملحقية الثقافية بدور الطلبة المبتعثين، وقدرتهم على المشاركة في الأنشطة الثقافية أوكلت إليهم إصدار مجلة السفير الثقافي، وهي مجلة فصلية تصدر باللغتين العربية والألمانية، كما قامت بتوزيع الكتب العلمية والمترجمة، ومجلة السفير الثقافي، وكتاب جامعة فيينا عن الرحلة العلمية بالمملكة خلال معرض الكتاب الدولي بفيينا، وعلى المعاهد والجامعات والمؤسسات العلمية الناطقة باللغة الألمانية. الملحقية السعودية الثقافية لم يتوقف نشاطها في جمهورية النمسا فقط، بل شمل دول الأشراف الأخرى، إذ وصلت أنشطتها الثقافية إلى جمهورية المجر، خصوصا بعد توقيع مذكرة التعاون العلمي والأكاديمي بين الجانبين، وقد تضمنت أنشطة الملحقية زيارة وفد من وزارة التعليم إلى جمهورية المجر، لتقييم جامعاتها، مما أدت الزيارة إلى الاعتراف بسبع جامعات، كذلك مشاركة الجامعات المجرية بمعرض التعليم العالي بالرياض على مدار ثلاث سنوات متتالية، كما تلقت الملحقية دعوة من قبل مجلس رؤساء الجامعات المجرية لتكون مشاركا دائما في مؤتمرها السنوي، فضلا عن ربط الجامعات السعودية بالجامعات المجرية، وقيام العديد من المسؤولين من جامعات: «جازان، والباحة، والملك سعود، والملك عبدالعزيز، وجامعة الأميرة نورة» بزيارة عمل والالتقاء بنظائرهم في الجامعات المجرية. هذه الجهود الثقافية والعلمية للملحقية توجت بحصولها على العديد من الأوسمة، وشهادات تقدير من المؤسسات الحكومية المجرية، حيث قلد مجلس رؤساء الجامعات المجرية الملحقية الثقافية، ممثلة في الملحق الثقافي، أعلى وسام، وذلك تقديرا لما قامت وتقوم به الملحقية من أنشطة ثقافية وعلمية مميزة. وينتظر أن تتوج الملحقية جهودها بزيارة رسمية لوزير التعليم بالمملكة العربية السعودية الدكتور أحمد العيسى لزيارة جمهورية المجر خلال العام الحالي، وذلك بعد أن قدمت وزارة التعليم المجرية وعمداء الجامعات الدعوة لمعاليه لتوقيع اتفاقية الارتقاء بمذكرة التعاون إلى مستوى اتفاقية رسمية. وحرصا من الملحقية الثقافية السعودية بالعاصمة المجرية على التعريف باللغة العربية، ونشرها باعتبارها هوية عربية أصلية، ومعبرة عن ثقافة أمة لها تاريخ عظيم، تحتفل الملحقية سنويا بيوم اللغة العربية الذي يوافق 18 ديسمبر من كل عام.