تطرقت صحيفة «فايننشال تايمز» البريطانية، إلى لجوء روسيا لشن هجمات إلكترونية انتقامية من الدول الغربية، مشيرة إلى أن هذه الطرق الخفية تجعلها بعيدة عن الملاحقة قانونيا وسياسيا. واستشهد التحقيق الاستقصائي الذي أعده محرر الدفاع والأمن بالصحيفة، سام جونز، بالقرصنة التي تعرضت لها شبكة التلفزيون الفرنسي «تي في 5 موند» عندما بدأت تنهال عليها الرسائل العشوائية والصور المتفرقة، إضافة إلى اختفاء المواد المسجلة على أجهزة البث، في وقت كانت فيه شعارات تنظيم داعش تظهر على شاشة القناة الفرنسية تحت عنوان «الخلافة الإلكترونية»، إلا أن فرق المهندسين بالتعاون مع وكالة الاستخبارات الفرنسية المتخصصة بالشبكات العنكبوتية، أكدوا أن مصدر القرصنة كانت وراءه مجموعة روسية تدعى «APT 28». وأضاف التحقيق أنه خلال حملة الانتخابات الرئاسية الأميركية، عادت لتظهر ذات المجموعة المشبوهة في التقارير الإعلامية التي تتهمها باختراق أجهزة حواسيب نظام اللجنة الوطنية للحزب الديمقراطي، حيث استطاعت نشر آلاف الملفات المسيئة للمرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون، بهدف إسقاطها ودعم منافسها دونالد ترمب، مشيرا إلى أن منسوبي القناة الفرنسية التي تم اختراقها، لم يفاجؤوا بالأمر بسبب معرفتهم بنفس الخطوات التي انتهجتها ذات المجموعة الروسية داخل قناتهم. وبحسب الصحيفة التي تحدثت مع عشرات المتخصصين، من بينهم ضباط كبار ومسؤولون داخل أجهزة المخابرات في الولاياتالمتحدة، وبريطانيا، وإسرائيل، وألمانيا، أكدوا أن المجموعة «APT 28» تقف خلفها أحد أجهزة المخابرات الروسية، وتحركها ضد أهداف غربية معينة للتنصت أو لتشويه جهة على حساب أخرى. تحركات حثيثة أكد التحقيق أن الهجمات الإلكترونية ازدادت وتيرتها خلال الآونة الأخيرة ضد دول حلف الناتو بنسبة 60% في العام الماضي، فيما ازدادت نسبة الهجمات ضد مؤسسات الاتحاد الأوروبي بنحو 20%، مشيرا إلى أن المحاولات الروسية لتشويه حلف شمال الناتو تعطي دلالة أنها تريد إثبات مكانها على الصعيد الدولي، إضافة إلى التكتيكات الخفية التي تخطط لها بخطوات دقيقة، قد تكون كلفتها سنوات من العمل. وأبان التحقيق أن ذات المجموعة الروسية كان لها الدور الكبير في اختراق عدد من الحواسيب التابعة لأحزاب في ألمانيا وفرنسا، سيكون لها موعد مرتقب مع الانتخابات في هذا العام، مؤكدا أن اختراق المواقع الأميركية شجع روسيا على تكرار ذات التجربة داخل أوروبا، في وقت اخترقت فيه موسكو عددا من المساعدات الإنسانية. أسباب العداء أبان التحقيق أن الفكر السوفيتي ما زال يهيمن على ساسة روسيا حاليا، حيث يظنون أنهم في عداء مفتوح مع الغرب، مهما بلغت التحالفات والتعاون بين الجانبين، فضلا عن رغبة الانتقام من الهزائم التي مني بها الاتحاد السوفييتي على يد الأوروبيين خلال القرن الماضي. وأوضح التحقيق أن التحليلات أبانت أن مجموعة «APT 28» الروسية نشطت في مجال القرصنة منذ قرابة عقد من الزمن، واخترقت معظم المنظمات العسكرية والدبلوماسية الحساسة في الغرب، حيث شملت الاختراقات شركات مثل بلاك ووتر الأميركية، ووزارات فرنسية ومجرية، وملحقيات عسكرية تابعة للناتو. وخلص التحقيق إلى أن روسيا باتت تعترف بوجود جيش إلكتروني يتبع لها.