بعد أقل من أسبوع على فرض الحوثيين التجنيد الإجباري على سكان محافظة الحديدة، الذي قوبل بالرفض الشديد من قبل الأهالي، سارعت الميليشيات إلى اقتحام دار أيتام الحديدة، وخطف جميع الأطفال العشرين المتبقين فيها والدفع بهم إلى جبهات القتال، لتعويض النقص البشري في صفوفها. وبحسب مصادر مطلعة، فإن بعض الأطفال المخطوفين يعانون إعاقات فكرية وجسدية، تعيقهم عن التواصل الجيد مع الغير، إلا أن الميليشيات أصرت على اختطافهم بطرق تعسفية وقمعية، وزجت بهم في معسكرات تدريبية خاصة بها. وأوضح مصدر ميداني -رفض ذكر اسمه- أن دار الأيتام الموجودة بالمحافظة عُين على رأسها مؤخرا مدير حوثي يدعى محمد الخاشب يكنى ب"أبي هاشم"، وتربطه علاقات وثيقة بالمشرف الحوثي الآخر "أبي خرفشة"، الذي قام بالتنسيق مع مدير الدار لخطف الأيتام من الدار، وذلك بعد أن غرر بهم وأقنعهم بضرورة تغيير المأوى إلى مكان أفضل من ناحية الغذاء والفراش، عقب تجويعهم عمدا لأيام متعددة. وأكد المصدر أن "أبا هاشم" متورط في جرائم انتهاكات ضد الأيتام، مثل تعذيبهم وتجويعهم لأيام متواصلة، بعد سرقة المواد الغذائية الخاصة بهم، وبيعها في السوق السوداء، مشيرا إلى أن عملية الاختطاف تمت بقوة السلاح. حيثيات النقل أضاف المصدر أن الميليشيات قامت بنقل الأطفال إلى جبهات القتال بعد احتجازهم في سجن خاص، قبل أن تنقطع كل المعلومات عنهم، إلا أن شهود عيان أكدوا وصول أولئك الأطفال لمعسكرات التدريب، تمهيدا لزجهم في ميادين القتال، لافتا إلى أن متوسط أعمارهم لا يتجاوز 15 عاما. ولاقت الخطوة ردود أفعال غاضبة من أهالي وسكان المحافظة، حيث أشاروا إلى تزايد أعمال الخطف للأطفال والأيتام بشكل ملفت خلال الفترة السابقة، مشيرين إلى أن الميليشيات التي انتهكت أعراض النساء لن يثنيها عن انتهاك حقوق الأطفال والأيتام. وأوضحت المسؤولة الإعلامية للتحالف اليمني لرصد انتهاكات حقوق الإنسان في اليمن، بشرى العامري، في حديثها إلى "الوطن" أن ميليشيات الحوثي وصالح الانقلابية معتادة على ممارسة مثل هذه الأساليب، حيث شهد عام 2013 إخفاء قسريا لأطفال كانوا يقطنون في دار للأيتام داخل صنعاء. انتهاكات بالجملة أشارت العامري إلى أن الحكومة عثرت على أطفال يقاتلون في صفوف الميليشيات في المدن الجنوبية، خاصة في عدن. وأكدت العامري أن التغرير طال أطفال المدارس ومراكز تحفيظ القرآن الكريم، فيما يتم أحيانا إغراء الرافضين بالأموال والهدايا، إلا أن الأزمات التي تمر بها الميليشيات دفعتها لفرض التجنيد بالقوة، مشيرة إلى أن 100 طفل في دار الأحداث بصنعاء تم اختطافهم عنوة للقتال، فضلا عن دار الأيتام الأخرى بمحافظة تعز وقصف دار أخرى بعدن، ونهب الموارد المالية والغذائية المخصصة لها. وأكدت العامري أن مسلحي الحوثي قاموا بارتكاب أكثر من 700 انتهاك ضد الأطفال في اليمن خلال عام 2016، قتل خلالها 152 طفلا وأصيب 50 آخرون، وخطفت أكثر من 100 قبل دفعهم إلى جبهات القتال، فيما تنوعت الانتهاكات ضد باقي المدنيين ووصلت إلى 17 ألف انتهاك بين قتل واختطاف وتدمير للمساكن والبيوت. مصير مجهول أشارت العامري إلى توثيق 1500 حالة لأطفال من دور الأيتام بصنعاء عام 2013، تم العثور على بعض منهم والبعض لا يزال مجهول المصير، في وقت تضاعف فيه عدد الأيتام في البلاد من نحو مليون و500 ألف يتيم، إلى مليون و750 ألف يتيم أثناء الحرب التي شنها المتمردون في سبتمبر 2014. وتطرقت العامري إلى نظام المخلوع صالح في وقت سابق، حيث كان يستخدم هذه الدور لتعبئة مناصريه للاعتداء على الوقفات الاحتجاجية السلمية عام 2011، فيما استولت ميليشيا الحوثي المتمردة على باقي الدور في المحافظة، وباتت تخزن فيها العتاد والأسلحة والجنود، بعد توقف دعم الجمعيات الخيرية التي كانت تمول مثل هذه الأماكن.