كانت دول مجلس التعاون الخليجي قادرة، حتى وقت قريب، على تجاهل السوق العالمية للسندات، في الوقت الذي تدفع فيه بعض الدول النامية والمتقدمة مبالغ قياسية من الديون في السنوات التي تلت الأزمة المالية العالمية، وثروات دول الخليج النفطية استخدمت بالفعل من بناء ناطحات سحاب ومدارس وطرق سريعة مع توفير فرص عمل لمواطنيها، وتجنبهم دفع ضرائب مرتفعة. العطاءات على السندات لكن انخفاض أسعار البترول من 100 دولار في يونيو 2014 إلى ما دون 30 دولارا "112.5 ريالا" للبرميل في العام الماضي 2016، أجبر هذه الدول على إعادة النظر في سياساتها الاقتصادية، حسبما ذكرت "صحيفة فاينانشال تايمز". إّ تمكنت سلسلة من صفقات ضخمة للسندات في دول الخليج من توفير 66 مليار دولار "247.5 مليار ريال" في السوق الدولية في العام الماضي، وهو رقم قياسي، حسب الأرقام الصادرة عن وكالة تومسون رويترز العالمية للأنباء. وهيمنت السعودية على العملية، إذ استطاعت توفير 17.5 مليار دولار "65.625 مليار ريال" في أول إصدار لها، وهو إصدار قياسي ولَّد كثيرا من الاهتمام لدى المستثمرين الدوليين لدرجة أن العطاءات على السندات وصلت إلى 67 مليار دولار "251.25 مليار ريال". الأسواق الناشئة قالت "فاينانشال تايمز"، إن الاندفاع في بيع السندات للمرة الأولى في سوق جديدة أوجد مركزا جديدا للجاذبية في أسواق المال، مما دفع مبيعات ديون الأسواق الناشئة إلى مستويات جديدة. باستثناء الصين، وأصدرت الجهات المقترضة في الأسواق الناشئة سندات بقيمة 482 مليار دولار "1.807 ترليون ريال" في 2016، أي بزيادة بلغت 46% عن السنة التي سبقتها. وإذ إن عجز الميزانيات في دول الخليج ما يزال كبيرا، يقول المصرفيون إن عام 2017 ربما يسجل أرقاما قياسية جديدة. ورغم تقليص الميزانيات الحكومية، وتجميد الإنفاق العام، وخطط السعودية لبيع أسهم في شركة ارامكو، إلا أن تقديرات مؤسسة "موديز" تشير إلى أن العجز الكلي سيصل إلى حوالي 7.5% من إجمالي الناتج المحلي هذا العام. ولتمويل هذا العجز، تتوقع بنوك مثل "بانك أوف أميركا ميريل لينش"، و"دانسك بانك"، إصدار مزيد من السندات في الخليج العام الحالي، على الرغم من ارتفاع أسعار النفط فوق 50 دولارا "178.5 ريالا" للبرميل. إجمالي الناتج العام بحلول عام 2018، تشير تقديرات "موديز" إلى أن نسبة الديون إلى إجمالي الناتج العام في المنطقة ستصل إلى 32%، مقابل 10% فقط في 2014. كما تتوقع "موديز" ألا يزيد النمو في المنطقة على 1.6%، وهو رقم ضعيف بالمقاييس التاريخية. لكن المستثمرين يبدون متفائلين. مقارنة مع الجهات الأخرى التي تصدر سندات في السوق الناشئة، تحظى دول الخليج بثقة المستثمرين بأنها من غير المرجح أن تتخلف في الدفع في مستويات منخفضة من الديون الخارجية.