في أوقات الفراغ والانقطاع عن عالم الاتصال الحديث أحاول أن أملأ الفراغ بالاطلاع على أي شيء، فما حولي يستحق التأمل والتحليل لا سيما إن كان له علاقة بانطباع الشخص عن ذاته أو ما يشغل باله واهتمامه. حالة الواتساب قد تكون مكانا مناسبا للبوح أو التعريف باسم المستخدم، وقد يخالطه شيء من الغمز أو رسائل غير مباشرة لإحدى جهات الاتصال. مررت بكثير من النماذج في حالات "الواتساب" وحاولت أن أربطها بالأحداث التي حصلت لصاحب الحالة ووقائع مر بها. فمثلا أجد من عبر عن مظلمته بالتحسب والاحتساب ومنهم من يعبر عن رأيه في قضية مجتمعية فيكون حاله دائما "في السينما"، وكأنه يشير إلى إصراره على توفر السينما كنوع من الترفيه. وهناك من أرهقته غربته الروحية وشعوره بالانفراد والتفرد في ما لديه من حس جمالي فتكون الحالة "ضائع بين أرواح لا تشبهني وفراغ يحتويني، ما بين شح اهتمام وكرم غربة". العجائز لهن نصيب في مواكبة العصر الحديث، فمنهن من تضع صورة لأحد الأحفاد ترفقها بدعوة لهم، وبعضهن مشتاقات للماضي رغم شقاوته، فيضعن صورا عن مواسم الحرث والدياس، معبرين عن الحالة بجمل الشوق للماضي مثل "سقى الله زمان راح ولا ظنتي بيعود". أما الكتاب الصحفيون والأدباء فيتغير الواتس ولا تتغير صورهم الشخصية مع لاقط صوتي كتعبير عن مقام شخصيتهم المرموقة! تكون حالتهم اسمهم الكامل! كإيحاء منهم بأنهم يستخدون الواتس لتبادل الرسائل الجدية والمهمة، يرون أنفسهم نخبة، والنخبة لا تتعامل إلا مع النخبة. لدي حالات واتساب متراصة مع بعضها ومرتبة ومختلفة، أرى فيها السلام، أجد أن جهات الاتصال تختلف تماما ولكنها بجانب بعضها البعض، وآمل أن يكون هذا التراص امتدادا للتراص الواقعي.