كثرت في الآونة الأخيرة تداول مقاطع لمواطنين يعتدون بالضرب على عمال بسطاء وهم يؤدون عملهم خصوصا ممن يحملون الجنسية الآسيوية الذين يتمتعون ببنية جسمانية صغيرة نوعا ما خصوصا إذا ما قارناها مع أجسام المعتدين. ربما لو كان هناك تكافؤ في البنية الجسمانية لما تم الاعتداء وكأن شريعة الغاب هي التي تسود في لحظة الغضب حيث يطغى القوي على الضعيف. عادة ما تنتهي حوادث الاعتداء تلك بمجلس صلح قد يكون اختياري وقد يكون قهري وذلك بأن يدفع مبلغ من المال للمجني عليه مصحوبة بجلسة حب الخشوم والتي لا تخلو من مذلة ممزوج بهياط. قد يسأل سائل: كيف ينسجم الهياط الذي من سماته الخيلاء والتمظهر بقدرات ليست مكتسبة مع المذلة؟ لا تسأل؛ فهذه من خصوصياتنا ولا أحد يستطيع القيام بها سوى نحن. دعونا نأخذ هذه الحوادث من جانب اجتماعي وقانوني. لماذا أنزل الله سبحانه وتعالى الحدود؟ ولماذا شرع الإنسان القوانين على المعتدين؟ ولماذا سن الشارع الحكيم أن يشهد عقاب المعتدين طائفة من الناس؟ إن في ذلك لحكمة ربانية وذلك لكي يرتدع كل من تسول له نفسه القيام بنفس الفعل أو القيام بأي عمل خارج عن القانون لكي ينعم الناس بالأمن والأمان ويشعر الجميع بأنهم سواسية أمام القانون. ما يحدث وللأسف مخالف تماما لما جاء به الشارع الحكيم وخصوصا عندما يتعلق الأمر باعتداء القوي على الضعيف. وقد لاحظنا ذلك في حالات الاعتداء الأخيرة التي شهدناها عبر مواقع التواصل الاجتماعي. ولو نظرنا إلى ما آلت إليه تلك الحالات هو أن المجني عليه قد تنازل عن القضية وأن الجاني أصبح طليقا حرا دون إنزال أي عقوبة عليه أو ربما عوقب بما يقتضيه الحق العام في هذه الحالات ولكن العقوبة لم تعلن. وفي هده الحالة يرسخ في ذهن الناس ما ظهر لهم والذي ظهر هو أن المعتدي قام بفعلته واستنجد بماله وجاهه ونفوذه لكي يفلت من العقاب وقد يصبح في نظر بعض الناس وخصوصا المراهقين بطلا وقد يتشجعون على خوض التجربة أو استسهال القيام بها.