على مدى 11 عاما تكرر عنوان صحفي عن قرب إطلاق "موسوعة جدة"، عشرات المرات،، دون أن يلغيه إصدار "حقيقي" للموسوعة المنتظرة والمكونة من 9 مجلدات محكمة علميا، 8 منها جاهزة تماما، حيث تسبب عدم صدور الموسوعة بدوره في تأجيل إطلاق مشروع حضاري وثقافي آخر، هو مبنى ومركز للموسوعة، يضم مرافق ثقافية عديدة، منها مكتبة، وجلسات أدبية، ومسرح ومطعم، بحسب ما ذكره أمس ل"الوطن" ناشر الموسوعة محمد مصطفى السحلي. ملاحق لتدارك المستجدات اعترف المشرف على الموسوعة الدكتور أحمد عمر زيلعي بتأخر المشروع ولم يتردد في وصفه ب"البطيء"، غير أنه قال "متفائلا": الموسوعة وإن كانت بطيئة إلا أنها حية ترزق، و8 من مجلداتها محكمة وجاهزة للنشر، ويصعب وضع توقعات لتحديد وقت زمني معين بالنسبة للمشاريع العلمية، بسبب معاناة التأليف، خاصة فيما يتعلق بالتحكيم العلمي، وعدم تفرغ عدد من الباحثين، حيث تتبع الموسوعة منهجا علميا صارما في تحكيم موادها ومقالاتها، عبر 5 جامعات سعودية وعربية، ويحدث أحيانا أن الملاحظات على البحوث تأخذ وقتا طويلا وتأخيرا من الزملاء المؤلفين في التعاطي معها. وأشار الزيلعي إلى أن هناك أشياء كثيرة استجدت خلال كل هذه السنوات، كالاقتصاد مثلا، وقال "في مثل الجوانب الاقتصادية، لن نستطيع تحديث المعلومات، لكننا سنعمل على إصدار ملاحق إضافية في المستقبل لتدارك المستجدات، وطبعا يبقى التاريخ ثابتا، لأن الحقيقة التاريخية لا تشهد مستجدات عليها". وعن الحقبة التاريخية التي تتناولها الموسوعة قال الزيلعي: الموسوعة تبدأ من تاريخ ما قبل الإسلام حتى العهد السعودي الزاهر، وتتميز في هذا المجال ببحث قيم عن النقوش الصخرية القديمة للدكتور عبدالرحمن كباوي، والموسوعة التي يعمل بها 33 باحثا عمل كبير متكامل، ضم حتى مجموعة من السيدات من أساتذة الجامعة اللواتي قدمن جهدا كبيرا في قسم المجتمع، ونتمنى أن ترى الموسوعة النور قبل نهاية العام. إرهاق الميزانية يدعم ناشر الموسوعة محمد مصطفى السحلي رؤية الزيلعي، مشاركا إياه في تفاؤله، كاشفا ل"الوطن" عن الاتفاق مع مدقق ومحرر للموسوعة من مجمع اللغة العربية بالقاهرة، لم يسمه، لكنه أعلن قدومه بعد أسبوع من الآن لمراجعة صياغة الموسوعة، تمهيدا لإصدارها في توقيت لم يحدده السحلي الذي أكد قائلا: كنا توقعنا ظهور الموسوعة خلال 3 سنوات منذ إعلانها كمشروع، ومضت الآن 11 سنة، صرفنا خلالها الملايين، لا أريد أن أذكر أرقاما الآن، لأن المشروع لم ينته بعد، لكني أستطيع أن أوضح أن جل المصروفات أنفقت على شراء الوثائق، فهذا البند هو الذي أرهق الميزانية، وهي وثائق مهمة جدا لتاريخ المدينة تكشف عن علاقاتها القديمة منذ مئات السنين مع دول كالبرتغال وهولندا وإندونيسيا والهند وماليزيا والقرن الإفريقي، ناهيك عن ارتباطها الوثيق بمكة المكرمةوالمدينةالمنورة، كما تكشف الموسوعة عن فضاء حضاري للمدينة يرجع لما قبل 500 عام في التاريخ الحديث، من خلال رصد القنصليات الأجنبية والمستشفيات والمراكز الحضرية المدنية المتقدمة، وهنا لابد أن أشير إلى أن مجلدا الوثائق، والتراجم مجلدان شائكان، ومن أصعب وأهم مجلدات الموسوعة.