أكدت مجلة "فورين بوليسي" الأميركية أن تعجل الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، لنقل السفارة الأميركية إلى القدس يمكن أن يتسبب في اضطرابات عميقة قد تهز المنطقة بأسرها، مشيرة إلى أن الرؤساء الأميركيين السابقين، مثل بيل كلينتون وجورج بوش الابن، تعهدوا خلال حملاتهم الانتخابية بنقل السفارة إلى القدس، تقليدا لمن سبقوهم فقط، إلا أنهم تذرعوا بعد ذلك باستخدام قرار الكونجرس لعام 1995، ولم يفعلوا شيئا. وأشارت المجلة إلى أن ترمب قد يبدو مغايرا لمن سبقوه، مؤكدة أن نقل السفارة سيكون خطأ فادحا لا يضر الفلسطينيين فقط، وإنما سيطعن بسمعة الدبلوماسية الأميركية وسيضر الأمن القومي الإسرائيلي. وألمحت المجلة إلى أنه عقب أن قطع ترمب وعده بنقل السفارة فور وصوله البيت الأبيض، يرى مراقبون أن هذه النوايا هي جزء صغير من التحول الكبير الذي تجهز له إدارته تجاه إسرائيل، فيما يملك السفير ديفيد فريدمان، الذي رشّحه ترمب مؤخرا للعمل في تل أبيب، تاريخا طويلا من البيانات المتطرفة، إضافة لدعمه غير المحدود لأنشطة الاستيطان ورفضه حل الدولتين، لافتة إلى أن وجهات نظره دائما ما تعبر عن القومية اليهودية المتطرفة في خطاباته المتعددة.
خرق القانون الدولي أوضحت المجلة أنه منذ قرار الكونجرس عام 1995، برَّر كل الرؤساء الأميركيين الذي تعهدوا بنقل السفارة، تراجعاتهم بسبب أن عملية النقل ستضر بمصالح الأمن القومي الأميركي، في وقت يعتبر المجتمع الدولي منذ عام 1974 أن القدس مستقلة ولا تتبع أي جهة، ولا يمكن تحديد إدارتها إلا من خلال مفاوضات مباشرة بين الإسرائيليين والفلسطينيين. وأضافت "بسبب هذا الإجماع الدولي لا توجد أي سفارة في القدس منذ ذلك الحين، وتوجد جميعها في تل أبيب، فيما نصت العهود والمواثيق على عدم جواز الاستيلاء على القدس بالحرب، وإذا قامت الولايات المتّحدة بنقل سفارتها من تل أبيب إلى القدس، فسيعدّ ذلك نقضا للإجماع الدولي الذي استمر لمدة 70 عاما. تقويض السلام أضافت المجلة أن تعهد ترمب بنقل السفارة إلى القدس، سيضعف مفاوضات السلام، فضلا عن أن تعيين فريدمان يرسل بذلك رسالة للفلسطينيين تفيد بأن واشنطن لم تعد مهتمة بحل الدولتين، وهو الحل الذي كان حجر الأساس في السياسة الأميركية لعقود. وتابعت أنه من الصعب التنبؤ بردة فعل الفلسطينيين، متوقعة نشوب أعمال عنف وردود أفعال غاضبة، قد تنعكس على المنطقة بأسرها، مؤكدة أن القدس تمثل القضية الأكثر حساسية في علاقة الفلسطينيين والإسرائيليين، وأن الانتفاضة الثانية كشفت عن ذلك، لافتة إلى أن الفلسطينيين إذا شعروا بأن عاصمتهم المستقبلية ستضيع منهم عبر السياسة الأميركية، فإن احتمالات نشوء انتفاضة ثالثة ممكنة.
فوائد إسرائيل قللت المجلة من الفوائد التي تعود على تل أبيب في حال نقل السفارة إلى القدس، واصفة تلك الفوائد بالرمزية، لكن التكاليف ستكون باهظة، من خلال خسارتها لاتفاقيات السلام التي عقدتها مع بعض الدول العربية، وخلصت إلى أن أصحاب القرار حول الأمن القومي الإسرائيلي يتفهمون هذه المخاطر، مشيرة إلى أن ترمب يمكن أن يستخدم حجج الرؤساء السابقين ويتخلى عن وعوده التي قطعها، ويؤكد أن نقل سفارته للقدس سيقوض الأمن القومي الأميركي، وسيكون هذا المبرر من أسهل الطرق لإقناع العالم بتراجعه عن وعوده.