فيما تظاهر مئات التونسيين أمام مقر البرلمان، للتعبير عن رفضهم عودة الإرهابيين التونسيين من بؤر التوتر، أعلن الحزب الدستوري الحر، في بيان رفضه القاطع "لأي شكل من أشكال التسامح أو العفو أو اللين مع من قتل وفجر وأباد وسفك الدماء"، محذرا من مغبة تقديم هؤلاء في ثوب التائبين. وكانت تونس شهدت الأسبوع الماضي، تنظيم وقفات احتجاجية ضمت منظمات غير حكومية، وشخصيات مستقلة رافضة لعودة تونسيين يقاتلون مع تنظيمات إرهابية في الخارج. وأدان الحزب الدستوري، السلطات المعنية بالتعلل بمبادئ حقوق الإنسان المضمنة بالنصوص القانونية وأحكام الدستور لحماية المتشددين، داعيا في هذا الإطار إلى تعديل الفصل 25 من الدستور، الذي يغلق الباب أمام إمكانية منع هؤلاء الإرهابيين من العودة وسحب الجنسية منهم، وذلك في اتجاه السماح للسلطات باتخاذ مثل هذه الإجراءات الضرورية، لحماية المجتمع والأمن العام واستقرار البلاد من الخطر الداهم الذي يتربص بها. كما دعا الحزب إلى تكثيف التحقيقات للكشف عن الأطراف التي وقفت وراء تسفير الشباب إلى بؤر التوتر، وإعلام الرأي العام بصحة المعلومات القائلة بعودة مئات المقاتلين إلى أرض الوطن مؤخرا، وتوضيح كيفية تعامل الأجهزة القضائية والأمنية معهم. رفض عودة المتشددين نفى النائب بالبرلمان وليد جلاد في تصريح صحفي، عرض مشروع قانون تحت عنوان "التوبة" على البرلمان لمناقشته قبل المصادقة عليه، وذلك في رد على تلك الأصوات التي رأت أن هناك مسعى للتطبيع مع الإرهابيين، من خلال محاولة تمرير قانون يسمح لهم بالعودة إلى تونس، تحت عناوين مختلفة منها "التوبة" و"حق التونسيين في العودة إلى بلادهم". ومن جانبه، حذر الاتحاد العام التونسي للشغل من أن تونس يُراد لها أن تكون قبلة المتبقين من الدواعش بمن فيهم الأجانب، وهي هجرة عكسية يصرّ بعض من صمتوا على التسفير أو شجعوه عبر منابر التكفير والمخيمات الدعوية أن يحولوا تونس إلى ملجأ للإرهابيين، بعد أن تدرّبوا على حمل السلاح ومارسوا أبشع أنواع القتل والتنكيل، مستغلّين دعاوى "التوبة"، وما يسمّى ب"حق التونسيين في العودة إلى بلادهم" لتمرير التطبيع مع هؤلاء الإرهابيين". التنكر لدماء القتلى أكد الاتحاد أن عملية تسفير الشباب التونسي إلى بؤر التوتر في ليبيا وسورية والعراق هي "جريمة من أكبر الجرائم الجماعية التي مورست خلال هذا العقد في تونس"، وشدد في المقابل على أن القبول بعودة هؤلاء بحجة حقهم في العودة إلى بلادهم، "يعني التنكر لدماء القتلى الذين سقطوا تحت غدر الإرهابيين، وتغطية على بشاعة الجرائم التي مارسها الإرهابيون تحت أنظار العالم"، مشيرا إلى أن أمن تونس واستقرارها مرتهنان أساسا بمعالجة جذرية قانونية صارمة لظاهرة سفر الإرهابيين. وكان تقرير نشره خبراء في الأممالمتحدة في يوليو الماضي، قد ذكر أن أكثر من 5500 تونسي، تتراوح أعمار أغلبهم بين 18 و35 عاما، يقاتلون مع تنظيمات متطرفة، خصوصا في ليبيا وسورية والعراق، بينما أعلن وزير الداخلية التونسي، الهادي المجدوب، في جلسة مساءلة أمام البرلمان الأسبوع الماضي، أن قرابة 800 تونسي عادوا من بؤر التوتر.