ظفرت ألقاب الشعراء وكناهم وأسماؤهم باهتمام دارسي الأدب والمهتمين بأخبار الشعراء وسيرهم وشعرهم في القديم والحديث، وأفرد المؤلفون كتبا في ذلك، كما ذكر كثير من المؤلفين والمصنفين شيئا من ذلك في ثنايا كتبهم وتضاعيف مؤلفاتهم. وممن خص ألقاب الشعراء بتصنيف وأفرده بتأليف أبو الفضل أسعد بن إبراهيم الشيباني الإربلي، الكاتب المعروف بالمجد النشابي، ولد بإربل سنة 582ه، وكان في أول أمره يعمل النشاب، فنسب إليه، وبقيت النسبة عليه، وبعد أن تنقل في البلاد عاد إلى إبل متوليا كتابة الإنشاء لمالكها مظفر الدين أبي سعيد كوكبوري بن بكتكين، ثم انتقل إلى بغداد وبقي بها حتى دخول التتار، وتوفي بعد ذلك. ويبدأ الكتاب بفضل خاص بألقاب الشعراء ثم بالمعرقين من الشعراء فالإخوة من الشعراء، ثم الشعراء من القواد والأمراء والوزراء، فشعراء الكتاب وشعراء عبيد العرب فالإماء من شواعر النساء، وفصل أخير خاص بالشعراء المجانين. حقق الكتاب شاكر العاشور، وهو الذي رجح نسبة الكتاب إلى الإربلي بل وجزم باسم الكتاب والمؤلف، وبدأ المؤلف كتابه بقوله: قال أبو عبيدة: الشعراء في الجاهلية ثلاثة، امرؤ القيس، والنابغة، وزهير، وسنذكرهم ومن بعدهم على أوجز ما يكون من الاقتصاد وأحسن ما يليق من الاختصار، فإن المذاكرة لا تحتمل الإسهاب، ولم أذكر إلا النوادر الغريبة الحسان، ومن الشعراء الذين لم يعرفهم إلا القليل من الأعيان، وابتدأت بذكر الشعراء الملقبين، الذين منهم من لقب بشعر قاله، ومنهم من لقب بعلامة فيه، أو لونه أو بمشهور من فعله، ومنهم ببلده أو بكنيته. *ذكر المؤلف من سمي بشعر قاله "مدح الريح" وهو شاعر جاهلي اسمه عامر بن المجنون الجرمي، ولقب بذلك لقوله: أعرفت رسما من سمية باللوى درجت عليه الريح بعدك فاستوى ويروى عنه أنه لما عمل نصف هذا البيت ارتج عليه، وأقام مدة سنة، لا يقدر على أن يعمل له عجزا، وكان قد دفن في نفس المنازل التي كان ينزلها دفينة، فذكرها وقال لجاريته أن تمضي وتخرج الخبيئة من تلك البرية والموضع الذي أعطاها علامته، فمضت الجارية وقد اختلفت الرياح على تلك الأراضي وعفت آثارها، فعادت ولم تجد شيئا، فسألها عن الحال فقالت: درجت عليه الريح بعدك فاستوى فتمم بيته بهذا وسمي مدرج الريح *من الشعراء (عائد الكلب) وهو عبدالله بن مصعب بن عبدالله بن الزبير، وإنما سمي عائد الكلب لقوله: ما لي مرضت فلم يعدني عائد منكم ويمرض كلبكم فأعود *ممن لقب من الشعراء بعلامة من خلقه وبظاهر من لونه (الأخضر) وهو الفضل بن عباس بن عتبة بن أبي لهب، وإنما سمي الأخضر لأنه كان شديد الأدمة، والأدم عند العرب الأخضر، ويسمون الأبيض أخضر، وسمي آدم عليه السلام لأنه كان أبيض، وقال الفضل: وأنا الأخضر من يعرفني أخضر الجلدة من نسل العرب قال: والأخضر أيضا في كلام العرب الأسود، ويسمون الليل: الأخضر والماء: الأخضر، قال الراجز: وعرض الليل إذا ما أخضرا ولذلك سمي السواد لكثرة الأشجار وخضرتها * (أبونواس) واسمه الحسن بن هاني الحكمي، ويكنى أبا علي، وإنما قيل له أبو نواس لذؤابة كانت في رأسه، والنواس الذؤابة، ومنه "ذو نواس"، وقيل سمي ذا نواس لضفيرتين كانتا تنوسان على عاتقه، والنوس: الحركة من كل شيء مدلى، وقال محمد بن يحيى المقرئ، سألت أبا نواس عن كنيته ما أراد بها، وهو نواس بفتح النون أو نُواس بضمها؟ فقال: بضم النون، وكان سبب كنيتي أن رجلا من جيراني بالبصرة دعا إخوانا له، فأبطأ عليه واحد منهم، فخرج من بابه يطلب من يبعثه إليه، يستحثه، فوجدني ألعب مع الصبيان، وكانت لي ذؤابة في وسط رأسي، فصاح بي: يا حسن امض إلى فلان فجئني به، فمضيت أعدو وذؤابتي تتحرك، فلما جئت بالرجل قال: أحسنت يا أبا نواس فشاعت هذه الكنية.