فيما يتصاعد النقاش في تركيا حول المساعي الحثيثة لإدخال تعديلات على الدستور التركي، قدم حزب "العدالة والتنمية" الحاكم قبل أيام إلى الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، مسودة التعديلات الدستورية، والتي تضم تعديلا على 30 حكما دستوريا. وكان رئيس الحكومة والحزب الحاكم بن علي يلدرم، قد أعلن في وقت سابق أن التعديلات الدستورية المقترحة ستدخل حيز التنفيذ بعد إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية عام 2019، كما أنها ستمنح الرئيس بمجرد إقرارها عبر استفتاء شعبي 3 صلاحيات إضافية خلال الفترة الانتقالية، لا تقل عن تلك الممنوحة للرئيس في التعديلات التي ستدخل حيز التنفيذ بعد انتخابات 2019. صلاحيات الرئيس في الوقت الذي يسعى فيه الحزب الحاكم، بوتيرة متسارعة من أجل محاولة تأمين الأغلبية اللازمة لتمرير التعديلات في البرلمان، فإنه يأمل في تعزيز تحالفات سياسية أخرى تضمن له الدعم اللازم والوقوف صفا واحدا ضد قوى المعارضة، في وقت تحاول فيه الأخيرة منع الرئيس التركي وحزبه، من تفعيل قانون التحول إلى نظام رئاسي، يتيح لإردوغان صلاحيات واسعة، الأمر الذي أشار إليه قبل فترة رئيس حزب "الشعوب الديمقراطي" الكردي المحبوس حاليا صلاح الدين دميرتاش، في رسالة وجهها لإردوغان قال فيها "لن نسمح أن تكون رئيسا تنفيذيا". المناكفات الكردية التركية من يراقب المشهد التركي الحالي، يصل إلى انطباع مفاده بأن المواجهات بين الأحزاب الكردية والحكومة التركية قد وصلت إلى أوجها، خصوصا بعد اعتقال السلطات التركية رئيس حزب الشعوب الديمقراطي صلاح الدين دميرتاش، و9 من نوابه بتهمة الانتماء إلى حزب العمال الكردستاني المحظور، وهي التهمة التي نفاها الحزب بشكل قاطع، وأكد أنه لا يشكل أية واجهة للحزب المحظور، الذي يخوض حربا دموية مع الجيش التركي منذ 3 عقود بهدف الحصول على حكم ذاتي أوسع للأقلية الكردية. وأعلن حزب الشعوب الديمقراطي المؤيد لقضية الأكراد في وقت سابق، وقف كل أنشطته في البرلمان التركي بعد توقيف رئيسه، اعتراضا منه على حملة الاعتقالات التي أكد أنها غير مسبوقة، في وقت يشكل فيه القوة الثالثة في البرلمان بواقع 59 مقعدا. التوافقات الحتمية شهدت العلاقات بين حزب "العدالة والتنمية" الحاكم، وحزب "الحركة القومية" المعارض تقاربا غير مسبوق في الفترة الأخيرة، وتطورت العلاقات بينهما، عقب محاولة الانقلاب الفاشلة التي شهدتها البلاد في منتصف يوليو الماضي، إذ يدعم الحزب بشكل واسع إجراءات الحكومة ضد المتمردين الأكراد والضالعين بمحاولة الانقلاب، بالإضافة إلى أنه يرى الأكراد عدوا حقيقيا له في الداخل التركي، وهو ما أكدته مؤخرا تصريحات الزعيم القومي دولت باهشلى، التي أعلن فيها تأييده لقرارات القضاء بشأن التحقيق مع زعماء من حزب الشعوب الديمقراطي، الأمر الذي يراه مراقبون انتصارا لإردوغان في معركته الرئاسية، وركيزة مهمة في دعم نفوذه السياسي. يذكر أن أي تعديل في الدستور التركي، يحتاج إلى موافقة أغلبية أعضاء البرلمان البالغ عددهم 550 عضوا، من أجل طرح التعديلات على الاستفتاء الشعبي العام، بينما تسمح موافقة ثلثي أعضاء البرلمان -حوالي 330 نائبا-، بالتعديل مباشرة دون طرحه على الاستفتاء، وهو ما يهدف إليه إردوغان وحزبه، من خلال تكوين تحالفات هنا، واعتقال وتصفية للخصوم هناك.