مع انعدام أي بوادر تلوح في الأفق لحل الأزمة الليبية المتصاعدة منذ 5 أعوام تقريبا، نشطت خلالها تجارة الأسلحة، وتهريب البشر، فضلا عن بيع النفط خارج إدارة الدولة، يرى مراقبون أن طرابلس مهددة بمزيد من الانقسامات والصراعات، الأمر الذي يشكل عامل تهديد حقيقيا ليس للدول المجاورة فحسب، وإنما للقارة الأوروبية برمتها. وأكدت مجلة "تايم" الأميركية أن ليبيا أصبحت "مرتعا لسوق نخاسة حديث"، يتم فيه بيع وتهريب البشر، الهاربين من ويلات الصراع والنزاع في بلادهم، والطامحين لفرصة عيش كريم في الدول الأوروبية. وأشارت المجلة إلى أن ليبيا تعدّ حلقة وصل يستقله المهاجرون غير الشرعيين للعبور إلى أوروبا، والذين ما زالوا يتوافدون بأعداد كبيرة من دول الصحراء الإفريقية، إذ قدرت بعض الإحصاءات أن أعدادهم تتجاوز مليون إفريقي كانوا يعملون داخل ليبيا عام 2011. لفتت المجلة إلى أنه منذ سقوط حكم معمر القذافي عام 2011، لم تستطع أي من الحكومات المتلاحقة في البلاد، بسط سيطرتها الكاملة على حدود الدولة لوقف تدفق المهاجرين، وتحول الاقتصاد الليبي إلى اقتصاد بدائي، يعتمد على النفط وتجارة البشر، خصوصا في ظل استمرار الفوضى السياسية والأمنية، وانتشار المجموعات المسلحة والمتطرفة في كامل أنحاء الدولة. وأبانت -استنادا إلى أرقام محلية مطلعة، أن حوالي 3 ملايين مهاجر دخلوا ليبيا حتى الآن، 60% منهم تعرضوا للاستغلال على أيدي المجموعات المسلحة، أو من خلال عناصر مدنية تعمل لمصلحة المهربين، مؤكدة أنهم يواجهون أوضاعا معيشية صعبة، إذ يتم احتجازهم في مستودعات وسجون، قبل أن يتم بيعهم في شبكات التهريب من الجماعات المسلحة مقابل مبالغ مالية ضخمة، ثم يتم إطلاقهم عبر مراكب بحرية متعددة للركوب والهجرة إلى أوروبا. مضت تايم قائلة، إن 70% من المهاجرين تعرضوا لانتهاكات مختلفة، تزيد بشاعتها عشر مرات مقارنة بالمهاجرين الذين يصلون إلى أوروبا عن طريق تركيا، في حين تزيد احتمالات تعرضهم للاستغلال، مع زيادة مكوثهم في أماكن الاحتجاز الليبية تحت إدارة شبكات التهريب، في الوقت الذي حذرت منظمات دولية من أن ثلاثة أرباع المهاجرين الذين يعبرون البحر المتوسط إلى أوروبا تعرضوا للتعذيب والابتزاز قبل هجرتهم، الأمر الذي يزيد من احتمال تحول البلاد إلى فوضى إقليمية، تهدد المنطقة الإقليمية، وتعيد سيناريو الصومال من جديد إلى واجهة البحر المتوسط.