قامت دول عربية بالجلوس على طاولة واحدة مع الإسرائيلي الذي قتل أبناءها، واحتل أرضها عندما رأت هذه الدول أنه من مصلحة المنطقة وشعوبها تهدئة الأمور والاتجاه إلى السلام، وهو الخيار الصعب، واليوم تأييد ترشيح عون لرئاسة الجمهورية ليس أصعب من الجلوس مع العدو على طاولة واحدة.. نحن بحاجة إلى مصالحة حقيقية بين مكونات وطوائف الشعب اللبناني، وإعطاء الفرص لبعضنا البعض علنا نصل إلى خاتمة جيدة تقدم للبنانيين فرصة بالانتقال من حالة الجمود إلى العمل والاستثمار، والبناء وتحريك العجلة الاقتصادية والسياسية والإنمائية خدمة للوطن وشعبه، الله -سبحانه وتعالى- يغفر لعباده أخطاءهم مهما عظمت، فمن نحن حتى نرفض الغفران، أليس خيركم من يبدأ بالسلام؟ أوليست الفتنة أشد من القتل؟ فلماذا ترفضون السلام بين مكونات الشعب اللبناني وتحرضون اليوم على فتنة لا يستفيد منها إلا أعداء الوطن؟ لقد نجح سعد الحريري بترويض سليمان فرنجية، وها هو اليوم ينجح أيضا في ترويض ميشال عون وإعطاء هذا الرجل فرصة لن يضر اللبنانيين بشيء، بل سيخدم مشروع الدولة التي يسعى الحريري إلى إعطائها حقها والحفاظ على نظامها وأمنها وشعبها من المجهول ومن الخطط التي تحيكها إيران وأتباعها من أجل الوصول إلى مؤتمر تأسيسي يحرم السنة من القوة التي يمتلكونها في الحكم، فبالله عليكم لا تعودوا بنا إلى ذلك الوقت الذي خوّن البعض فيه الشهيد رفيق الحريري، ليعودوا أنفسهم نادمين على ذلك بعد استشهاده، فهل ستعرفون حجم تضحيات سعد الحريري فقط إذا تم اغتياله؟ في خطبة الوداع قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: "أيها الناس إن دماءكم وأعراضكم حرام عليكم إلى أن تلقوا ربكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا – ألا هل بلغت اللهم فاشهد، فمن كانت عنده أمانة فليؤدها إلى من ائتمنه عليها". وأضاف عليه الصلاة والسلام: "أيها الناس إن ربكم واحد وإن أباكم واحد، كلكم لآدم وآدم من تراب، إن أكرمكم عند الله اتقاكم، وليس لعربي على عجمي فضل إلا بالتقوى – ألا هل بلغت....اللهم فاشهد قالوا نعم – قال فليبلغ الشاهد الغائب". هذه كانت وصية الرسول فلماذا نخالفها ونحول أوطاننا إلى بحر من الدماء والاقتتال الطائفي والمذهبي، أليست الفتنة أشد من القتل؟ إننا في لبنان جميعاً ننتظر ذلك اليوم الذي يعود فيه حزب الله من سورية ليسلم سلاحه للدولة اللبنانية لنتصالح جميعاً ونكمل مع أبنائه إعمار وإنماء لبنان السيد الحر المستقل والحليف القوي لمحيطه العربي، والناصر للمستضعفين فلسطينيين كانوا أم سوريين وعربا مسلمين ومسيحيين.. أعطوا سعد الحريري فرصة ولا تكونوا ظالمين.. ألم يقل صلى الله عليه وسلم انصر أخاك ظالماً أو مظلوما؟.. كيف إذا كان هذا المظلوم قد ارتضى أن يُظلم كي يبقى لشعبه دولة ومؤسسات وأجهزة أمن وجيش يحميه ويحميكم أنتم؟