شدد خبراء حقوقيون ومستشارون قانونيون ل"الوطن"، على ضرورة إيجاد صيغة تكاملية بين الجهات الحكومية ذات العلاقة لمتابعة سير "القضايا الجنائية والحقوقية الخاصة بالمسجونين أو الموقوفين"، سواء كانوا مواطنين أو مقيمين، مؤكدين وجود حلقة مفقودة تتسبب في تأخير البت في قضاياهم أمام القضاء، أو توقيفهم في السجون بصفة غير مشروعة، مما يعتبر إخلالا بنظام الإجراءات الجزائية ولائحته التنفيذية. يأتي حديث هؤلاء المختصين، قبل يوم من عقد الوكالة المساعدة للحقوق بإمارة منطقة مكةالمكرمة ورش عمل غدا الإثنين، بعنوان "التكامل في إدارة القضايا الجنائية"، وذلك ضمن مبادرة برنامج "التكامل الحقوقي"، التي تشتمل على عدد من الورش والملتقيات، التي يشرف عليها وكيل الإمارة المساعد للحقوق الأمير فيصل بن محمد.
معطيات الإشكالية المستشار القانوني والمحامي الدكتور إبراهيم الأبادي، أشار في حديثه ل"الوطن"، إلى أهمية تسليط الضوء على هذا الأمر، لوجود ملفات عالقة لعدد غير قليل من الموقوفين أو المسجونين لدى الشرط في قضايا جنائية لم يتم البت فيها، وظلت معلقة إلى أجل غير مسمى، مرجعا سبب تأخر عرضها على الجهات القضائية للحكم فيها، إلى غياب التكامل بين الجهات الحكومية المعنية بالمسألة. وبصيغة مباشرة، يطالب القانوني الأبادي هيئة التحقيق والادعاء العام، بضرورة تفعيل المادتين الواردتين في نظام الإجراءات الجزائية "26، 27"، بشأن التفتيش والعمل الرقابي في السجون، للاطلاع على تظلمات المسجونين والموقوفين بصفة غير مشروعة، والتأكد من سجلات قيد الشكاوى في هذا الشأن. وأوضح الأبادي، وهو محكم معتمد من وزارة العدل، وأستاذ القانون الجنائي بجامعة دار الحكمة حاليا، أن توقيف الموقوفين أو المسجونين، يجب أن يتم وفق المدة النظامية المنصوص عليها في اللائحة التنفيذية لنظام الإجراءات الجزائية، طارحا إحدى الإشكاليات المنوطة بالأمر، وهي أن هيئة التحقيق والادعاء العام غير قادرة بمفردها على ممارسة دورها الرقابي في هذا الأمر لأسباب عديدة، من أهمها: عدم وجود الكادر الكافي لممارسة هذه الرقابة بشكلها الكامل، وهو ما يتطلب تفاعل الجهات ذات العلاقة. ودعا إمارات المناطق إلى متابعة الأجهزة التنفيذية التي تخضع لسلطتها الإدارية. أما النقطة الثانية التي أثارها الأبادي، المدعي العام السابق، وعضو هيئة التحقيق والادعاء العام، في سياق تحليل معطيات هذه الإشكالية، فتتعلق باستكمال ما أسماه بمرحلة "بناء الوعي"، عبر هيئة حقوق الإنسان الحكومية، والجمعية الوطنية لحقوق الإنسان الأهلية، في القيام بدورها الحقوقي في إيصال صوت الموقوفين والمسجونين، ولا ينحصر ذلك في الحملات الحقوقية الاجتماعية، بل عبر تدريب كوادرها على استيعاب بنود نظام الإجراءات الجزائية بشكل كامل، للتعاطي مع المسألة مهنيا وحقوقيا بمستوى عال واحترافي. غرفة عمليات مشتركة طالب الأبادي بتشكيل غرفة عمليات مشتركة بين الجهات الحكومية ذات العلاقة، بهدف تعزيز تكاملها بشكل منهجي وعملي، وهو ما سيسهم في تخفيض نسبة ملفات الموقوفين والمسجونين بصفة غير مشروعة، سواء في القضايا الجنائية أو القضايا الحقوقية الخاصة، باعتبارها "إشكالية ينبغي مواجهتها على الفور". معالجة الملفات العالقة لم يختلف سياق ما ذهب إليه رئيس الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان الأهلية الدكتور مفلح القحطاني عن القانوني الأبادي، مقرا بوجود مشكلة في مسألة "الضبط والقبض" للموقوفين، حيث تتجاوز مدة توقيفهم أكثر من 24 ساعة، ولا يتم التبليغ عنهم. وقال ل"الوطن": للأسف يظل بعض الوافدين في التوقيف أو السجن فترة أطول من ذلك، لعدم وجود من يتابع أسباب توقيفهم، وبعد التدقيق في ملفاتهم، يكتشف أنهم لا يستحقون كل الفترة التي قضوها، وفي أحيان أخرى يرسل البعض إلى السجن، مع أنه نظاميا يفترض أن يطلق سراحه إما بكفالة حضورية أو بضمان سكنه الثابت. ويشير الدكتور القحطاني إلى أنه يجب أن نعترف بأن لدينا خللا في الربط بين الشرط وهيئة التحقيق والادعاء العام، وسجون إدارات المناطق، مشيرا إلى ضرورة التكامل فيما بينها، لأن ذلك سيسهم كثيرا في سرعة معالجة الملفات العالقة، والبت في سرعة الحكم فيها من قبل الدوائر القضائية. وقال إنهم في الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان، قاموا وما زالوا بدور توعوي وتثقيفي من خلال منشورات تسمى ب"اعرف حقوقك"، وذكر أنهم نشروا ملفا كاملا على موقع الجمعية الإلكتروني، يتعلق بحقوق المتهم أثناء القبض، والتحقيق والتفتيش، والمحاكمة، بهدف توسيع مدارك المواطن أو المقيم، في هذه المسألة لمعرفة حقوقه وواجباته، التي أقرها نظام الإجراءات الجزائية.