قرأت في صغري الشعر ولست بشاعر، ولكنني متذوق أرسم بالكلمات، أحببته وعشقته، لم أبدأ بالجاهلي وما شابهه، بل بالشعر الأندلسي ثم التفعيلة، لم أستسغ الشعر الجاهلي منذ دراستي في مراحل التعليم العام لقسوة صوره المشتقة من الصحراء! لذلك نفرت من الشعر حتى وقعت بالصدفة على شعر نزار قباني والشعر الأندلسي، بعدها أصبحت أتحدث بالشعر وأصوغ الكلمات، لماذا لا تزال مناهجنا تدرس مثل ذلك الشعر وتغلبه على البقية في انتشاره بين منهاج التدريس المختلفة؟ يجب أن نعترف جميعا أن لغتنا لم تعد بتلك القوة في ألسنتنا، حتى غدت لدينا تخصصات في اللغة العربية ندرس فيها لغتنا الأم! ولو قرأنا قصيدة جاهلية لما فهمنا نصفها إلا من رحم الله! لذلك كان لا بد من أن نبحث عن طرق تعزز فينا لغتنا ولو ابتعدنا عن المألوف وعاكسنا الاتجاه فالمهم هو الهدف والمخرجات وليس ما سيقال. الشعر هو الروح، وأرواحنا تبحث عما تفهم وله تذوب، هناك أرواح تتمايل كالوردة بالنسيم مع الشعر الأندلسي، والبعض مع الجاهلي، وآخرون مع الحداثي والتفعيلة، والبعض لا يريد التقيد بقافية وقواعد، يحب ضرب القوانين على حائط الزمن والتمرد عليها اتجاها للرواية والنثر، لذلك لا بد أن تتنوع مناهجنا أكثر بكل أنواع الأدب المختلفة بنفس التركيز لكي تغطي كل تلك العقول المختلفة التي تدرس تلك المناهج، فجيلنا الجديد كسابقه ولا يعني تطور الزمن وتغيراته تغيرهم، ما زال فيهم ذلك المحرك الخفي الذي يدعى (فطرة) لذلك لننتشلها قبل الغرق في مستنقع الأعوام. في داخل كل منا بذرة محبة للغة العربية والأدب العربي، ومن الأمثلة السابقة ما يخرجها، لذلك وجب البحث في دواخلنا عنها لإثارتها، والتنويع سبيلنا لذلك. وعندما أتحدث عن المناهج لا بد من أن أتحدث عن التدريس وهوية المعلم وتوجهه، ما زلت أذكر معلم الأدب في المرحلة الثانوية عندما كنت أعرض عليه محاولاتي، شعرا مفككا ونصوصا بلا هوية وهدف، وكان يقرؤها ويضيف تعديلات ويعيدها لي على تلك الورقة التي خطت بداياتي، كان معينا وبعد عودتي لها الآن اكتشفت كيف كان يؤمن بصبي يكتب ما لا يُكتب! ثم أطلق في نفسي حب الكتابة بكلمة مديح ثم حث على التطور، لا أحد يولد عالما وأديبا هناك جنود مخفيون يطلقوننا. لا تقرؤوا الكتب الثقيلة ليقال عنكم قراء بل ابدؤوا بالصغيرة وتدرجوا مهما قيل عنكم . عندما نقرأ الشعر نبحث عن متعة في الروح تُترجم بصورة خيالية، فابتسامة، فمحاولة، لذلك كان الشعر ذائقة، والذائقة دوما تختلف لدى البشر، باختلاف ميولهم وأهوائهم وجنونهم! فلا تحرموا البقية من تحسس ذلك الجمال.