باتت الطائف ومهرجانها المسرحي (مهرجان الجنادرية المسرحي) موعدا مرتقبا ينتظره المسرحيون السعوديون والخليجيون بشغف ومحبة وشوق، كونه يشكل حدثا استثنائيا يضبط المسرحيون ساعات أوقاتهم المسرحية على مواعيده. لا غرابة في الأمر، فالطائف مدينة قادرة على السحر، فكيف بها حين يختلط صيفها البهي وغيمتها اليانعة بسحر وجمال سحر المسرح؟ لا يخامرني الشك أنها تغدو مدينة متفردة لا تشبه سوى الطائف نفسها حتى بأجوائها المنعشة ومسرحها القادر على نقل المتواجدين في محيط عروضه المسرحية إلى فضاء عابق بالتأمل والأسئلة والدهشة وجمالية المسرح كتراتيل تشد آذاننا نحوها وتسمر أعيننا باتجاه خشبة المسرح الذي حوى من الأسرار ما جعله عصيا على الاستهلاك البصري العابر، ويتعالى على المشهد المتواضع ما يجعلنا نعلن حبنا لمسرح فهد ردة وأحمد الأحمري وسامي الزهراني ومساعد الزهراني وبقية الجوقة البهجة، بل إننا نقول (نحب مسرح الطائف حبا يبلغ أقصى الشغف). ولا شك عندي مطلقا أن أهم الأسماء المسرحية في بلادي اليوم والمنتمين لأجيال مختلفة مدينون لمسرح الطائف بما رسخه فيهم من قيم الشغف بالمسرح، وشدة التطلب للمعرفة المسرحية، كما أنه لا يساورني شك أن مهرجان الجنادرية كان وسيظل أحد أسباب تعلقهم بالمسرح، حيث ألقى في روع أجيال المسرح تعلقا ظاهرا بقلق المسرح وأسئلته وخشبته أفقا ومنهجا لا محيد عنه في مغامرة الصحبة المسرحية، حيث منهم يتزودون بما يكفي الرحلة المسرحية الممتدة. مساء السبت المقبل تتزين الطائف لتعلن بداية الموعد المرتقب الذي سيكون بطله المتجدد كل عام المسرح وفعاليات مهرجان الجنادرية المسرحي، وحين ينفرد بنا (المسرح وجمال الطائف) يبدو لنا أن خشبة المسرح بمفردها حتى دون وجود عروض قادرة على أن تبث سحر وطاقة وجمال المسرح كما تبث الطاقة النور عبر المصابيح. هناك في رحاب الجميلين (الطائف والمسرح) سيغرف المسرحيون من جذور الجمال والسحر، وسيغزلونه حتى يطلقونه حرا في فضاءات مشهدية بصرية وفرجة متناهية الغزارة والمرهفة، وعلى جانب من السطوة تصعب مقاومته وكأنه أمر خارق قادم من وراء العقل حين يتبرعم الجمال في بيئة لا تتكئ على الكثير من الإرث المسرحي، ولا تتوافر مقوماته إلا أنه لا يجب أن يزهر ويضوع الأرجاء بالسحر الذي باتوا يتحلقون حوله ثم يخرجون بعده مغسولين بنعمة المسرح الذي هو الأقدر على مباغتة عشاقه مثلما يستوقفنا غريب ليهدينا باقة ورد، وهو ما فعله القائمون على المهرجان حين جعلوني أحد العشرة المبشرين بالمسرح -بتعبير علي السعلي- وتكرموا بتوجيه الدعوة لشخصي المتواضع كأحد ضيوف المهرجان، لذا نقول شكرا من الأعماق لمدير عام مهرجان الجنادرية سعود الرومي، ونزجي تحايا الحب لمهرجان الجنادرية وللطائف وللأحبة في جمعية الثقافة والفنون بالطائف، ولكافة القائمين على هذا الفعل الوطني الثقافي بمختلف مسميات لجانه الذين هم الضوء المسرحي الذي أنار دروبنا باتجاه خشبة مسرح الجنادرية. وأختم بالترحيب الحار بضيوف شرف المهرجان من دول الخليج العربي الذين يشكلون إضافة مهمة وملهمة وثرية لهذا الحدث المسرحي.