تركي الثبيتي عادت الحياة مجدداً إلى طبيعتها في تركيا بشكل نسبي بعد الانقلاب الفاشل ضد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان. إردوغان اتهم جماعة ما يسمى "الكيان الموازي" بقيادة فتح الله غولن بمحاولة الانقلاب على الشرعية واستهانتهم برغبات الشعب التركي. مسمى "الكيان الموازي" هو وصف أطلقه مسؤولو الحكومة التركية على تنظيم "غولن" السري حسب زعمهم الساعي إلى تقويض الحكومة. الرئيس التركي رد على محاولة الانقلاب الفاشلة في بدء مجلس الوزراء التركي في عرض مذكرة قرار إعلان حالة الطوارئ في البلاد على الجمعية العمومية للبرلمان للمصادقة عليها. برر إردوغان فرض حالة الطوارئ بأنها عملية تعزيز لإدارة المحافظين أكثر، وأن القوات المسلحة ستكون تحت أمرتهم، وأن تلك الخطوة لا تستهدف الأنشطة الاقتصادية للمواطنين الأتراك. لم يكن حدوث الانقلاب أولاً ثم فشله ثانياً مفاجئاً بقدر حالة الفرح الهستيري المستغرب من بعض أطياف الداخل على ما حصل من فشل للانقلاب. هذا الفرح غير المبرر جعلنا نضع أكثر من علامة استفهام وتعجب حول العلاقة الروحية والوجدانية التي وصلت عند البعض ربما إلى حد الولاء والانتماء!؟ الدولة التركية دولة علمانية بامتياز، حيث إنه لا يوجد دين رسمي للدولة، وتطبيق العلمانية في تركيا نبع من "الفكر الكمالي" المنسوب إلى مؤسس تركيا الحديثة كمال أتاتورك. ودستورها يؤمن بحرية الدين والمعتقد! تناقض عجيب نعيشه في مجتمعنا من بعض أطيافه! في حين أننا نحارب الاختلاط والتبرج والسفور وننتقد تنظيم عمل هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ونمنع إقامة الحفلات والمسرحيات على مسارحنا إلا أننا نُطبل لدولة تقدم كل ذلك، بل ما هو أبشع من ذلك بكثير. كشفت لنا محاولة الانقلاب أن هناك انقلابا في المفاهيم! وأننا نعيش في مجتمع البعض منه "يغلب فيه الهوى على الهوية"، وأن علينا ألا نغفل ما يحاك ضدنا من مؤامرات وأمنيات لنزع الهوية وجعلنا تابعين لدول أخرى وفق أهواء بعض الجماعات أو الأحزاب أو غيرها.