يثير اتهام الرئيس رجب طيب أردوغان جماعة الداعية المعارض فتح الله غولن بتدبير محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا، تساؤلات حول هذه المجموعة وعلاقتها بأردوغان. الجماعة تُعتبر تياراً، اكثر منها منظمة تملك سلطة مركزية. فغولن المقيم في الولاياتالمتحدة منذ عام 1999، اثر فتح تحقيق في حقه في تركيا، لم يحدّد اسماً رسمياً لحركته التي تعلن تبنّيها إسلاماً معتدلاً، بل يسمّيها أعضاؤها «خدمة»، وهدفها المعلن تغيير المجتمع عبر التعليم والعمل المدني ووسائل الإعلام. لكن خصومه من مؤيدي أردوغان يعتبرونها «كياناً موازياً» في مؤسسات الدولة و»منظمة إرهابية». وقال محلل تركي ان غولن وأردوغان لا يختلفان سياسياً، اذ يعارضان مبادئ مصطفى كمال أتاتورك، مؤسس تركيا الحديثة، ويتبنّيان إسلاماً معتدلاً وبرنامجاً لمجتمع محافظ. وكانا متحالفين لفترة طويلة، اذ اعتمد أردوغان، عندما كان رئيساً للحكومة، على شبكات الداعية لترسيخ سلطته في مواجهة نفوذ التيار الكمالي والعلماني في الإدارة. وبعد توتر دام أشهراً، حدثت القطيعة أواخر عام 2013، اثر فضيحة فساد كبرى طاولت أردوغان ونجله الأكبر بلال ووزراء ومقربين. واتهم الرئيس أنصار الداعية بالوقوف وراء الفضيحة، لإطاحته. ونشرت وسائل إعلام تركية الأربعاء «اعترافات» المقدّم ليفنت تركام، المُتهم بالمشاركة في الانقلاب، علماً انه مساعد لرئيس الأركان الجنرال خلوصي أكار. وروى تركام انه التحق بالجيش عام 1989، بفضل أنصار لغولن سرّبوا إليه مضمون الامتحان. وأضاف انه تنصّت لحساب أتباع غولن على أكار، وعلى سلفه الجنرال نجدت أوزيل. ورأى جان فرنسوا بيروز الذي وضع كتاباً عن سيرة أردوغان، وهو باحث في «المعهد الفرنسي لدراسات الأناضول» في اسطنبول، أن هذا اعتراف معقول، لافتاً إلى آلاف الأنصار لغولن في الإدارة التركية. واستدرك بوجوب معرفة «إلى أي حدّ يرافق هذا الوجود، هدف واضح جداً» في المجال السياسي. واعتبر أن العدد الضخم للموقوفين والمطرودين بعد الانقلاب، في القضاء والجيش والشرطة والتعليم، يُفسَّر بأن الحملة خلطت كما يبدو «بين مؤيدين غير ناشطين، أو مرتادي مدارس (تابعة لغولن)، وأشخاص في صلب التيار». وأضاف انه بعد «تنظيف» وسائل الإعلام والشرطة، كان مقرراً «تطهير» الجيش مطلع آب (أغسطس)، خلال اجتماع مجلس الشورى العسكري، مستدركاً أن محاولة الانقلاب الفاشلة أتاحت تسريع العملية. ولفت بيروز إلى تنوّع المشاركين في الانقلاب، من «ضباط مؤيدين لغولن» جذبوا عسكريين «لديهم حساسية علمانية قصوى ويعارضون الحكومة»، أو آخرين «انخرطوا في هذه المغامرة وفق حسابات تخدم مسيرتهم المهنية العسكرية الشخصية». أما الخبير السياسي أحمد اينسل فتحدث عن «إرادة بالتطهير (في القضاء) حتى خارج دوائر أتباع غولن»، مع أشخاص اتخذوا «قرارات تزعج السلطة».