قدرة الإنسان على قراءة العواطف في تعابير الوجه، أو الصوت، أو أوضاع الجسم وحركاته، وتمييزها عند الناس الآخرين من خلال مظهرهم أو سلوكهم، وكذلك المقدرة على التفريق بين العواطف الحقيقة والمصطنعة، تعطي هذه السمات صاحبها إمكانية ضبط الانفعال وتوظيفه بفاعلية كبيرة في اتخاذ القرار المناسب، كردة فعل لهذه الانفعالات من خلال التحكم في المشاعر وإيجاد الملائم منها وفق الحالة الشعورية؛ وبالتالي هي القدرة على التعامل مع التجارب والمواقف العاطفية واستقبالها واستيعابيها وفهمها وإداراتها. إن العاطفة الناضجة تساعد الإنسان على رفع مهاراته الوجدانية والوعي بنفسه وذاته وطرق التعامل مع عواطف الآخرين ومعالجتها وتكوين جدار حماية، ودرع حصين، أثناء التعرض لحالات التقلبات العاطفية، والصدمات النفسية، والمواقف الصعبة، عبر بسط السيطرة على الاندفاعات والاستفزازات والإحباطات، مع إمكانية التعامل مع المشاعر السلبية التي تمر بنا نتيجة الأحداث الحياتية التي ربما نتعرض لها، لا سمح الله، وإخراج أنفسنا منها والتخفيف من حدتها، وفهم ما وراءها من أفكار ومعتقدات، وما تولده من خواطر، ليكون على بيّنة من تأثيرها على تفكيره ومزاجه، وتوجيه الانتباه إلا ما هو أكثر أهمية لإعطاء القرارات المصيرية المناسبة في وقتها. فالإنسان يحتفظ بالذكريات المشحونة بالعواطف والمشاعر القوية، وكل المعلومات القادمة إلى الذاكرة من الحواس التي تكوّن لدى صاحبها مشاعر الحزن أو الأسى، والتعاسة، واليأس، والفقدان، والندم وكل واحدة منها بمثابة تجربة، ولكنها من أكثر التجارب التي تفرض علينا تحديات ونضطر لمواجهتها، والتعامل معها وفق العمليات الذهنية للتحليل، والإدراك، وقد تشتد هذه المشاعر السلبية حتى تصل إلى حد المعاناة التي تترك في حياتنا جرحا غائرا، وتعطل قدراتنا وتفقدنا الاستمتاع بالحياة، وتحبسنا عن النمو والتقدم في حياتنا المهنية والاجتماعية. ومع مرور الوقت، بدأ علماء النفس بالوعي على جوانب أخرى للعاطفة. إنه الجانب المضيء منها. إذ بدؤوا يدركون كيف تمدنا العاطفة بالطاقات الإيجابية الهائلة وتدفعنا للعمل، والبذل، والعطاء، والتضحية، واحترام الذات، والشعور بالانتماء والتميز، وامتلاك مهارات أكبر في التواصل مع الآخرين، لا سيما مع الجانب الشعوري الوجداني لديهم، عبر عدد من الإيماءات والتلميحات الإنسانية، كقراءة مشاعر الآخرين ولغة أجسادهم وتعابيرهم غير اللفظية والتعاطف معهم، وإتقان مهارات الكياسة الاجتماعية والذرابة ووظائف الاتصال الفعال. وتعتبر الفكاهة من الجوانب المميزة في السلوك العاطفي الإنساني، وسمة من سمات الشخصية العاطفية تتعلق بتذوق الدعابة والاستمتاع بها، وكذلك فهمها والاستجابة انفعاليا لها، وتتطلب الاستبصار والحس الاجتماعي في صياغتها وطرحها كوميديّا، ولها دور في السلوك التنفيسي فهي تعمل على تصريف الطاقات السلبية وأثرها على الإنسان، وإضافة البهجة والسرور إلى نفسه ولمن حوله. والفكاهة تعتبر نوعا من اللعب العقلي أو المباراة المعرفية، تسمح لنا بالهروب المؤقت من قيود الواقع والتجول بحرية في حدائق الأصالة والخيال والإبداع والدهشة والمفاجأة.