إن الحديث عن الوطن أصدق الحديث، وإن حب الوطن أطهر حب، أحب وطني ولكن! لم أعلم أبدا أن جنون الحب يرغم اللسان على الصمت؟ ربما يكون الصمت أحيانا أكثر تعبيرا من الكلام. يشمل حديثي جميع مدن الوطن وأمنها بلا استثناء، ولكنني خصصت كلماتي عن مدينة من مدننا الغالية، إنها المدينة التي تغنى في جمالها القريب والبعيد، إنها الممطرة طوال العام، والتي لا يتوقف عنها المطر. قد يتبادر إلى ذهن القارئ أن الحديث عن لندن، باعتبارها مدينة الضباب. في هذا المقال الذي اخترت أن أُعنونه بين هاتين المدينتين أبهاولندن، وهو جزء من التحدي في حديثي عنهما، والمتلقي هو المُنصف في النهاية. أبها أعدّها مدينة الضباب، في فصل الصيف مناخها بارد جذاب، وبقية مواسمها دافئ، متنزهاتها في قمة الروعة لم يصنعها أحد، بل من صنع خالقها، وجبالها تعكس مناظر طبيعية خلابة، وغيومها التي ترسم لك في السماء أشكالا من الإبداع. كل عام وأبها في أبهى حُلة، تتزين لتستقبل أبناءها وجموع السياح من جميع أنحاء مملكتنا الحبيبة ومن خليجنا العربي، باحثين عن الأجواء المذهلة والمناظر الخلابة. شدني للكتابة والحديث عن أبها، ما تتميز من مناخ مناسب، وما رأيته من تطور وتقدم في جميع المستويات من الخدمات، حتى العلو في العلم والثقافة في أهلها وبين أبنائها، تعدّ مدينة أبها من أهم المصائف والمدن السياحية في المملكة العربية السعودية، بسبب اعتدال مناخها وارتفاعها الكبير عن سطح البحر، فإنها تسمى أيضا عروس الجبل، وكذلك أبها البهية، بسبب الجمال الطبيعي الذي تتميز به، إنها أبها التي ألفُها من ألفة أهلها، وباؤها من براءة طبيعتها. امتزج هذا الجمال مع الأمن والأمان في جميع مدننا الحبيبة، نتجول ليلا ونهارا آمنين مطمئنين، لا نشعر بالخوف، ونحن نتمشى فيها في أوقات متأخرة، ولعلي أعود قليلا لأيام كنت فيها مبتعثا في بريطانيا مدينة الضباب لندن، فهي تتمتع بالأجواء نفسها ولا يختلف اثنان على جمالها، ولكن لا نستطيع، بل مستحيل أن نشعر بالأمان ونحن فيها، لن يستوعب هذه المفارقات إلا من عاش طويلا في الغربة، وافتقد الأمن والأمان والحب بعيدا عن الوطن. رأيت فيها كثيرا، وتعلمت واطلعت على ثقافة الغرب وتطورهم في مدنهم وبلدانهم، حتى وصلوا إلى ما وصلوا إليه الآن، ولكنهم يفتقدون الأمن والأمان في بلدانهم، كأن الأمن شبه مفقود في لندن، وبالذات الاعتداءات والمضايقات والسرقات بأنواعها، والتجارب كثيرة بين المبتعثين أو ممن يذهب إليها للعمل أو السياحة، ونسمع ونقرأ التنبيهات والتحذيرات المتكررة عبر وسائل التواصل في بلد الابتعاث، بأخذ الحيطة والحذر والحرص على أمنك الذاتي، فقد كانت المضايقات والاعتداءات والسرقات في لندن تُواجَه من أمنهم بعدم الاهتمام، وكان ردهم بأنها كثيرة ونسبها عالية، فلذلك لا يسجلونها في مقر الشرطة، بل يكتفوا فقط بالتحذير والتنبيه، وإذا استنجدت بأمنهم في الجرائم التي تخص حياة الإنسان، ستعرف قيمة رجال أمننا في السعودية. رجال أمننا في السعودية هامات عالية، شامخة بحب الأرض الطاهرة، عيون ساهرة، تبعث الأمن والسلم والاطمئنان في كل شبر في ربوع بلادي، هذا هو رجل الأمن السعودي ابن الوطن وحامي أمن الوطن والمواطن، يضبط الأمن ويطبقه على من يخالف النظام، ومن يحاول أن يعبث بأمن الوطن والمواطن، رجال الأمن لا يترددون أبدا في مساعدة المحتاج وإسعاف المصاب والتعامل باللطف والإحسان مع كل إنسان يعيش على هذه الأرض الطاهرة. نسأل المولى عز وجل أن يديم علينا نعمة الأمن والأمان والاستقرار، ويحفظ هذا الكيان شامخا في ظل قيادة حكومتنا الرشيدة.