يبحث كتاب "سر السر" لمؤلفته إبتسام الحديثي في عمق أسرار الإسلام ومعانيه، وفي أسرار الصلاة والوضوء والإيمان، مشيرا إلى أن سر الإسلام هو الاستسلام لله، والانقياد له سبحانه بتوحيده، والإخلاص له والتمسك بطاعته وطاعة رسوله، وإظهار الخضوع والقبول لما أتى به محمد، صلى الله عليه وسلم، لهذا سمي إسلاما لأن المسلم يسلم أمره لله، ويوحده سبحانه، ويعبده وحده دون ما سواه، وينقاد لأوامره ويترك نواهيه، ويقف عند حدوده. الإسلام الإسلام هو الاستسلام لله، والانقياد له سبحانه بتوحيده، والإخلاص له والتمسك بطاعته وطاعة رسوله، أي أنه المُبلغ عن ربه، أي أنه إظهار الخضوع والقبول لما أتى به محمد، صلى الله عليه وسلم، لهذا سُمي إسلاما لأن المسلم يسلم أمره لله، ويوحده سبحانه، ويعبده وحده دون ما سواه، وينقاد لأوامره ويترك نواهيه، ويقف عند حدوده. كلمة الإسلام لها دلالتان: الدلالة الأولى: خاصة بمعنى الدين المنزل على نبينا محمد خصوصا. الدلالة الثانية: عامة شاملة للأديان السماوية المنزّلة من الله على رسله وأنبيائه، عليهم الصلاة والسلام، جميعا للعمل بها وتبليغها لمن أُرسلوا إليهم، لأن جوهر هذه الأديان السماوية وروحها وهدفها إنما هو الاستسلام لرب العالمين والانقياد لأمره ونهيه والالتزام بأحكامه وشرعه مهما اختلف بعضها عن بعض في التكاليف العملية. فالإسلام بمعناه الشامل هو دين جميع الأنبياء، عليهم الصلاة والسلام، وإن اختلفت شرائعهم، وهو: الانقياد لله بعبادته، حسب ما شرعه في كل زمان ومكان، والشرائع كلها لله، عز وجل، وكلها من تشريعه وإن اختلفت حسب حكمته سبحانه، وحسب مصالح العباد، وببعثة الرسول محمد صارت كلمة الإسلام علما ودلالة على الدين الذي جاء به من عند الله للناس كافة. وللأسف الشديد فإن معظم أهل الكتاب غالبا لا يفقهون المعنى الكلي لمفهوم الإسلام، فيرفضونه لأنهم لم يفهموا معنى الإسلام فهما صحيحا، فالإسلام في لغة القرآن ليس اسما لدين خاص، وإنما هو اسم للدين المشترك الذي نادى به كل الأنبياء، وانتسب إليه كل أتباع الأديان. والسر في الإسلام: أن ما جاء به لم يكن جديدا بقدر ما كان مكملا وخاتما للرسالات التي سبقته، فكأن الإسلام مجددا بالدرجة الأولى لما أوحاه الله على الأنبياء من قبل، فالإسلام لم يزد الأديان دينا جديدا، بل هو ردّ العقائد المحرفة من الناس إلى أصولها.
أسرار الإسلام (كلمة التوحيد): هي الكلمة التي يقولها المسلم حتى يدخل في الإسلام، وهي قول باللسان وإيمان بالقلب وتصديق بالجوارح، ولفظها: (أشهد أن لا إله إلاّ الله وأن محمدا رسول الله)، وبنطق هذه العبارة يدخل الإنسان في جماعة المسلمين، وهذه الكلمة العظيمة لا تنفع قائلها ولا تخرجه من دائرة الشرك إلا إذا عرف معناها، وعمل به وصدق به، وقد فصل العلماء شروط "شهادة أن لا إله إلاّ الله، وأن محمدا رسول الله" في عدة شروط، لا تنفع قائلها إلا باجتماعها، على النحو الآتي: الشرط الأول: العلم المنافي للجهل أي بمعناها نفيا وإثباتا والمنافي للجهل بذلك. الشرط الثاني: اليقين المنافي للشك بأن يكون قائلها مستيقنا بمدلول هذه الكلمة يقينا جازما، لأن الإيمان يستوجب علم اليقين وليس علم الظن، أي بدون أن يدخله الشك. الشرط الثالث: القبول المنافي للرد لمقتضى النطق بهذه الكلمة بالقلب واللسان، وقد بين الله لنا من قصص الأمم السابقة أن سبب هلاكهم هو عدم قبولهم لهذه الشهادة. الشرط الرابع: الانقياد المنافي للترك أي لما دلت عليه والمنافي لترك ذلك. الشرط الخامس: الصدق المنافي للكذب، وهو أن يقولها صدقا من قلبه ويصدق قلبه مع لسانه. الشرط السادس: الإخلاص المنافي للشرك، وهو تصفية العمل عن جميع شوائب الشرك. الشرط السابع: المحبة المنافية للبغضاء، أي المحبة لهذه الكلمة ولما اقتضته ودلت عليه ولأهلها العاملين بها الملتزمين لشروطها وكره ما ناقض ذلك. والسرّ في كلمة التوحيد: أن يشعر المسلم بالتبعية الكاملة والانقياد المطلق والإخلاص والمحبة لله -سبحانه وتعالى- والتسليم له بكل ما يأمر به أو ينهى عنه. سر الصلاة الصلاة هي الركن الثاني من أركان الإسلام بعد النطق بالشهادتين، ولو نظرنا للصلاة نظرة متأمل لفهمنا لماذا هي عماد الدين؟ لأنها صلة بين العبد وربه، فلو قطعها العبد فالله غني عن العالمين لن تزيد الطاعة في ملكه أو تنقص المعصية من ملكه، جل شأنه. ولعظم قيمة الصلاة شرعها الله في رحلة الإسراء والمعراج، وقد ضرب الشيخ الشعراوي لذلك بمثل رائع وقال: لو أنك مدير لشركة كبيرة وأردت أن تبلغ أي أمر بسيط فقد ترسل تعميما، وكلما ارتفعت أهمية الأمر اختلفت طريقة تبليغك للموظفين من استعمال الهاتف إلى الفاكس وغيرها، ولكن إذا كان الأمر مهما جدا ففي هذه الحالة لن تتردد في أن تستدعي أكبر مسؤول بعدك في الشركة لتبلغه بالأمر مباشرة، وهذا ما حدث بالضبط فقد صعد بالرسول إلى السماء ليأخذ أمر التكلف بالصلاة مباشرة. والسرّ في الصلاة: أنها شعاع رباني إذا خرج من قلب المسلم انتقل لمن حوله محبة وطمأنينة وسكينة، ولا يمكن لعبد مسلم يؤدي الصلاة على صفتها المطلوبة أن يعصي الله بكبيرة من الكبائر، لأن الله وصف الصلاة بأنها تنهى عن الفحشاء والمنكر والبغي. سر الإيمان بالله الإيمان بالله هو الاعتقاد الجازم بوجوده سبحانه وتعالى، وربوبيته، وألوهيته، وأسمائه وصفاته، فالإيمان بالله يتضمن هذه الأمور الأربعة، من آمن بها فهو المؤمن حقًّا. ويجب أن نعلم أن هناك أربعة محاذير من وقع في واحد منها لم يحقق الإيمان بأسماء الله تعالى وصفاته كما يجب، وهي: التحريف، والتعطيل، والتمثيل، والتكييف، ولذلك قلنا في معنى الإيمان بأسماء الله تعالى وصفاته هو: (إثبات ما أثبته الله لنفسه في كتابه، أو سنة رسوله من الأسماء والصفات على الوجه اللائق به من غير تحريف، ولا تعطيل، ولا تكييف، ولا تمثيل). والسر في الإيمان بالله أننا عندما نتدبر ونتفكر في خلق أنفسنا أو في خلق السماوات والأرض، وندقق النظر في أسرار الكون وخفاياه التي يكشفها لنا العلم يوما بعد يوم، نصل إلى حقيقة قطعية أن وراء هذا الكون بكلّ ما فيه خالقا بديعا يجب علينا الإيمان الكامل به والتسليم له في كلّ ما أمر به أو نهى عنه.
سر الزكاة الزكاة هي الركن الثالث في الإسلام بعد الشهادتين والصلاة، وهي حق معلوم يؤخذ من الغني ويعطى للفقير، والسرُّ فيها تطهير للمال، وهي بمثابة دفع أقساط تأمين سنوية لشركة تأمين حتى تحفظ عليك بدنك ومالك وكل ما تملك.
سر الوضوء الوضوء تطهير للجسد، وهو واجب قبل الشروع في أداء الصلاة، فالوضوء يمحو الذنوب والخطايا التي تتساقط مع قطرات الماء، ولسر في الوضوء أنه طهارة للبدن قبل الشروع في أداء الصلاة، لأن الوضوء بأركانه يحقق نظافة معنوية ومادية للجسم تتمثل في الاستعداد للصلاة ومقابلة الخالق -جلّ وعلا- على طهارة ونظافة تامة وفي أحلى صورة، ونظافة بدنية للجسم عموما تمثل درعا وقائيا من الأمراض والفطريات.
سر الأذان شرع الأذان لإعلام الناس بوقت دخول الصلاة، وفي صفته مخالفة لأهل الكتاب حتى يكون للإسلام خصوصية، فعندما يحين وقت إشعار المسلمين وتذكيرهم بربهم وبدخول وقت الصلاة يأتي الأذان وينبههم، حتى يهرعوا لتلبية نداء ربهم وأداء شعيرتهم، والسر فيه أنه نداء لتنبيه وتذكير وإعلام المسلمين بدخول وقت الصلاة حتى يتركوا كل شيء ويستعدوا للقاء الله، عز وجل.
سر الصوم الصوم هو الركن الرابع من أركان الإسلام، وهو الإمساك عن الطعام والشراب من طلوع الشمس إلى غروبها في شهر رمضان، والسر فيه أن للصوم جانبين، روحي وجسدي، فالروحي يربط المؤمن بربه ويقوي عنده جهاز الرقابة الذاتية، فكل شيء كان من المسموحات والحلال بعقد النية للصوم وبمجرد إعلان أذان الفجر يصبح من حلال الطعام والشراب والرفث من المحرمات، وهذا بلا شك يقوي رقابة المؤمن على نفسه ويجعله يخاف الله في السر والعلن، كما أنه يحسن أخلاقه. الإيمان بالملائكة الإيمان بوجود الملائكة إيمان يقتضي الاستقامة، وإدراك الحكمة في أن الله -عز وجل- أخبرنا بوجودهم ووجوب الإيمان بهم ونحن لا نراهم ولا نسمع أصواتهم مع أن لهم وظائف متعلقة بنا، فالله -سبحانه وتعالى- من رحمته وحرصه على إسعاد خلقه أرسل إليهم رسلا مبشرين ومنذرين من بني جلدتهم من البشر، ولكن هؤلاء الرسل يبلغون رسالات الله عن طريق الملائكة، فهم الوسطاء أي رسل الرسل، وعن طريق الملائكة بلغ الله رسله وأنبياءه ما ينبغي أن يبلغوه لنا، فحينما نؤمن بأن الله -عز وجل- جعل الملائكة وسطاء بينه وبين رسله عندئذ تكتمل حلقة الإيمان لدينا.
الإيمان بالكتب السماوية وبالرسل ويشمل ذلك الإيمان بكلّ الكتب السماوية التي أنزلها الله على الرسل، وهي التوراة والإنجيل والزبور والقرآن الكريم. والإيمان بالرسل هو الركن الرابع من أركان الإيمان، ولا يصح إيمان العبد إلا به، فقد أمر سبحانه بالإيمان بهم، وقرن ذلك بالإيمان به، وجاء الإيمان بهم في المرتبة الرابعة من التعريف النبوي للإيمان. والفرق بين الرسول والنبي، أن الرسول في اللغة هو الذي يتابع أخبار الذي بعثه، ومأخوذ من قولهم: "جاءت الإِبل رَسَلاً"، أَي متتابعة، وسُمِّي الرَّسول رسولاً لأنه ذو رسالة، أما النبي في اللغة: فعيل بمعنى فاعل ومفعل فهو مُنْبِئ ومُنْبَأ، مُنْبِئ أي مخبر عن الله، ومُنْبَأ أي مُخبَر من الله. وأغلب الظن في أقوال العلماء أن الرسول من بعث بشرع جديد وأمر بتبليغه، والنبي من أمر بالتبليغ ولكن بشرع من سبقه من الرسل، مثل أنبياء بني إسرائيل الذين كلفوا بتبليغ شريعة موسى. والإيمان بالرسل يتضمن أمورا منها: التصديق بنبوة الرسل، وبما جاؤوا به، وعدم التفريق بين أحد من الرسل، وتوقير الرسل وتعظيمهم، ووجوب العمل بشرائع الرسل، واعتقاد عصمة الرسل في تبليغهم الوحي، وعصمتهم من الكبائر والصغائر التي تدل على سوء الخلق. والسرُّ في الإيمان بالرسل أن الإيمان بالرسل على مراتب وليس على مرتبة واحدة، فهناك الإيمان المجمل وهو الإيمان بجميع الرسل على وجه الإجمال وبمحمد على وجه الخصوص، وهذا واجب على عموم المسلمين لا يستطيع المؤمن أن يجادل فيه أو ينكره، والإيمان المفصّل هو الإيمان بجميع الرسل ومعرفة ما ثبت في الشرع عنهم بالآيات والأحاديث الصحيحة، من أسمائهم وأسماء الكتب التي أنزلت عليهم.
الإيمان باليوم الآخر الإيمان باليوم الآخر هو أحد أركان الإيمان الستة، التي لا بد منها، وإذا نظرنا إلى القرآن الكريم وجدناه من أوله إلى آخره يعطي اهتماما كبيرا للتذكير باليوم الآخر، وفي كثير من الأحكام التشريعية يربطها باليوم الآخر، حتى يلمح إلى ضرورة انتباه المسلم المكلَّف عند تنفيذ هذه الأحكام وأي معاملات دنيوية أن هناك يوم جزاء وحساب بين يدي الله، عز وجل، وأن كل واحد سيجازى بعمله، إنْ خيرا فخير وإنْ شرًّا فشر. ومن يقين الإيمان باليوم الآخر، تحقيق العدل والإحسان، ومن فضل الله علينا، أن يذكرنا بالبعث والنشور بشكل يومي حتى نضع الموت والبعث نصب أعيينا فنستعد له تمام الاستعداد، ففي صحوتنا من النوم صورة مصغرة للبعث بعد الموت، لأن النائم يشبه الميت في غيبته عن العالم وعدم إدراكه ما يدور حوله، فإذا استيقظ عاد إليه الإحساس والشعور، وهكذا الميت عند البعث. كما أن الإيمان باليوم الآخر مبدأ ضروري لسعادة الجماعة الإنسانية، فلا يمكن لمجتمع إنساني أن يسعد ويستقر إلا إذا آمن أفراده باليوم الآخر، لأن الإنسان في المجتمع، ويستقر ويرتاح إذا انضبط أفراده، فعلى سبيل المثال، إذا خاف البائع من الخالق، وخاف اليوم الآخر، وخاف يوم الدين، فسوف يستقيم معك في البيع والشراء، ومن غير الإيمان باليوم الآخر، ومهما وضعت ضوابط وقوانين دنيوية، فبمجرد أن يشعر الإنسان بعدم وجود رقيب لتنفيذ هذه القوانين يتهرب من تنفيذها ليحقق أعلى مكاسب مادية. والسرُّ في الإيمان باليوم الآخر أنه لو لم تدل الأدلة الشرعية على إثبات البعث بعد الموت لكان في العقل أكبر دليل على ذلك، لأننا نرى الناس في هذه الحياة يظلم بعضهم بعضا، ويعتدي بعضهم على بعض، وفيهم الصالح والفاسد، والمحق والمبطل، ثم يموتون دون جزاء ولا عقاب، فلو لم يكن هناك بعث ولا حياة أخرى لضاع حق المظلوم، ونجا الظالم من العقاب، ولمات المحسن دون أن يلقى ثواب إحسانه، والمسيء دون أن يلقى جزاء إساءته، وبالتالي تصبح الحياة مثل الغابة يأكل القوي الضعيف.
الإيمان بالقدر خيره وشره الإيمان بالقدر يدخل فيه علم الله، وهو أن نؤمن بأن الله عالم بكلّ شيء، وأنه كتب كلّ ما سوف يكون، وعلم كلّ ما كان وما يكون وما سوف يكون وكتبه، فيجب علينا أن نؤمن بالقدر خيره وشره وللقدر أربع مراتب لا بد من الإيمان بها، هي: • المرتبة الأولى: علم الله الأزلي الشامل للماضي، والحاضر والمستقبل والمستحيل أيضا، فالله تعالى يعلم ما كان في الماضي، ويعلم ما يكون في الحاضر، وفي المستقبل، ويعلم ما لم يكن لو كان كيف يكون، فالشيء الذي لا يكون أو المستحيل لو كان يعلم كيف سيكون. • المرتبة الثانية: كتابة الله جميع ما يكون في هذا الكون من الصفات، والذوات، والأفعال في اللوح المحفوظ. • المرتبة الثالثة: إرادة الله الشاملة لكلّ موجود في هذا الكون بإرادة الله الكونية، فكلّ شيء يقع في الكون أراد الله وجوده، ولا يقع في ملكه ما لا يريد، وإرادة الله نوعان: إرادة دينية شرعية، وإرادة كونية قدرية. • المرتبة الرابعة: الخلق والإيجاد، كلّ شيء موجود في هذا الكون، خلقه الله، لأنه خالق كلّ شيء، وليس هناك خالق مع الله. سر فضل ليلة القدر من فضل الله علينا أن جعل لنا مواسم للخيرات وفي داخل المواسم مواسم خاصة أكثر، فعندما خص شهر رمضان بالصيام جعله موسما سنويا، فكان الصحابة يستعدون لرمضان قبل موعده بستة أشهر، ويحزنون على فراقه وانتهائه بستة أشهر أخرى، وبالإضافة إلى هذا، فقد خص الله -سبحانه وتعالى- رمضان بليلة هي خير من ألف شهر، وهي ليلة القدر.
تأليف الدكتورة إبتسام بنت إبراهيم راشد الحديثي أكاديمية متخصصة في مجال التربية