أكد أمير منطقة الباحة الأمير مشاري بن سعود بن عبدالعزيز أن نادي الباحة الأدبي يخطو خطوات واثقة، من خلال ملتقى الرواية، للأخذ بالرواية العربية نحو العالمية، وذلك بإشراك نخب سعودية وعربية متخصصة في هذا الفن، في إعداد الأطروحات التي تقرب بين المفاهيم والثقافات لخدمة الأدب الإنساني مع الأخذ بثوابت الدين والأخلاق في الاعتبار. وأضاف الأمير مشاري في كلمته التي افتتح بها ملتقى الرواية الرابع، الذي ينظمه أدبي الباحة، بقاعة الأمير فيصل التعليمية بالإدارة العامة للتربية والتعليم بالمنطقة أمس: "لا شك أن استضافة نادي الباحة الأدبي لنخبة من رموز الأدب والثقافة في بلادنا الغالية والوطن العربي تمثل مناسبة غالية وسعيدة للمنطقة وأبنائها، وهي تحتضن هذا اللقاء الثقافي الذي سيناقش من خلاله المشاركون (تمثيلات الآخر في الرواية العربية)، مشيراً إلى أن عنوان هذا الملتقى الذي دأب نادي الباحة الأدبي منذ سنوات على تبنيه من خلال استضافة رموز الرواية والفاعلين في هذا الجانب الأدبي الرفيع يعني أنه قد تحقق للنادي بفضل الله إنجاز كبير من خلال استضافته لشخصيات أدبية مرموقة تناقش عددا من المحاور والمضامين التي تعطي الفرصة للمشاركين بتفعيل الآراء حيالها وهذا يسجل حضوراً في الأوساط الثقافية. يكون لنادي الباحة السبق في هذا الخصوص، وقال: إنني إذ أبارك لنادي الباحة جهوده الموفقة لأرجو أن يحمل هذا الملتقى من الآراء والتوصيات ما يعزز مسيرة الرواية في أوساطنا الأدبية وما يكرس القيم والأخلاق التي تدفع بالعمل الأدبي إلى ما يحقق الصفاء الذهني ويسمو بالإنسان إلى غايات سامية. ولعلي في هذه الكلمة الموجزة أعبر عن سعادتي الشخصية بتواجد إخواننا وأخواتنا المشاركين بهذا الملتقى في ربوع الباحة راجياً لهم طيب الإقامة. رئيس أدبي الباحة حسن الزهراني وصف الأمير مشاري بن سعود ب"صقر السراة"، وعبر الحضور عن موافقتهم على هذه التسمية، قال في كلمة ألقاها بهذه المناسبة: "وعدنا مشهدنا الثقافي بأن نجمع العرب في الباحة وهنا نحن نفي بوعدنا ونواصل المسيرة الثقافية في ملتقى الباحة الثقافي الرابع، وها نحن نطرح موضوع الآخر في زمن الآخر الذي يثير جدلاً في الساحة على كافة الأصعدة ولأننا ندرك أن رسالتنا الكبرى هي عولمة العالم لا الخوف من العولمة، لأننا أيضا ندرك أن الآخر أيّاً كان يجب أن نبادر نحن باحتوائه بخلقنا القويم الذي أنزل على خاتم الرسل محمد بن عبدالله عليه أفضل صلاة وأزكى سلام". وأشار الزهراني إلى أن النادي لم يكتف بدعوة المشاركين في الملتقى بأوراق عمل ورؤساء الجلسات وأصحاب الشهادات ورؤساء الأندية، بل قدمت الدعوة لمن لهم اهتمام بالرواية لنخلق هنا في باحة الإبداع أجواءً ثقافية مختلفة وحراكاً ثقافياً آخر خارج زمن جلسات الملتقى. عقب ذلك، عدّ مدير عام الإدارة العامة للأندية الأدبية عبدالله أحمد الأفندي في كلمته تنظيم الملتقى للمرة الرابعة في نادي الباحة الأدبي دليلاً على أن العمل قد أسس من خلال دراسة وبعد ثقافي إبداعي لدور مجلس إدارة النادي في محيطه، مشيراً إلى أنه هو الدور الذي تتطلع الوزارة إلى القيام به من جميع الأندية الأدبية الستة عشر المنتشرة في المملكة بمتابعة مستمرة من وزير الثقافة والإعلام الذي يؤكد في كل اللقاءات الفكرية والثقافية والأدبية التي يرعاها على أهمية أن يقوم كل ناد من الأندية الأدبية بإثراء محيطه بدراسات وأبحاث لتاريخ وأدب المكان. وبلادنا الحبيبة - ولله الحمد - تحفل بمخزون حضاري وثقافي بحاجة إلى المزيد والمزيد من البحث والتقصي والتحقيق لإبرازه بالإضافة إلى أعلام خدموا الثقافة والأدب من جيل الآباء والأجداد ممن لهم إسهامات ثقافية وعطاءات فكرية متنوعة. وأوضح الأفندي أن هذا اللقاء يعد مناسبة سعيدة ورائعة تتزامن مع قيام الجمعيات العمومية لجميع أندية المملكة، حيث سنسعد بإثراء حقيقي معرفي في الوسط الثقافي من خلال الجمعيات العمومية التي ستختار مجالس إدارات الأندية الأدبية لتقدم لنا قيادات أدبية وثقافية والذين بدورهم - وهو المتوقع - سيثرون محيط أنديتهم بعمل ثقافي وأدبي يعبر عما وصلنا إليه من إبداع معرفي ولا نستطيع في هذا الميدان إغفال وجهه النظر القائلة بأن انتخابات مجالس إدارات الأندية الأدبية ليس شرطاً أن تأتي أو أن تقدم الأفضل لقيادة العمل الثقافي والأدبي للأندية الأدبية، وأن التعيين الذي قامت به الوزارة في الفترة السابقة قد قدم رجالات قادوا العمل الثقافي والأدبي في الأندية الأدبية بكل جد واجتهاد متمثلين الأمانة التي تحملوها وعملوا بحس ثقافي وأدبي، آخذين في الاعتبار الأمانة والمسؤولية تجاه مناطقهم وبالتالي تجاه وطنهم ومجتمعهم، والحق يقال إن من قادوا العمل الثقافي والأدبي قد أدوا دورهم ولله الحمد بكل اقتدار، غير أن التغيير سنة الحياة وسيعمل على تأسيس ثقافة انتخابية في أوساط المثقفين تؤرخ لمرحلة جديدة لتطور البناء الثقافي والمعرفي في عهد خادم الحرمين الشريفين والتي يتابع مراحلها وزير الثقافة والإعلام الذي دفع باللائحة الأساسية للأندية الأدبية قدماً وبالتالي قيام الجمعيات العمومية لجميع الأندية الأدبية التي ستتولى قيادة العمل الثقافي في جميع مناطق المملكة المختلفة مراعية لدورها الوطني ومسؤوليتها في المبادرة الجادة والمخلصة لخدمة الدين والقيادة والوطن وهذا هو المأمول من الجميع. تلا ذلك كلمة المكرمين ألقاها الشيخ سعد عبدالله المليص أوضح فيها أن رحلة المثقفين بهذه المنطقة لتأسيس هذه المؤسسة الثقافية الأدبية هي امتداد لما أسس من النوادي الأدبية بدءا من عام 1379 ببني ظبيان ومدارس المنطقة للطلاب حتى يومنا هذا, واستمر التطور الثقافي والأدبي بالمنطقة إلى أن افتتحت جامعة الباحة التي امتازت بالجهود الفاعلة في تطوير الحراك الثقافي، مثمنا هذه البادرة من أدبي الباحة المتمثلة في التكريم. من جانبه، أكد التونسي الدكتور حاتم الفطناسي (أحد المشاركين في الملتقى) أن المملكة تشهد حراكا ثقافيا قويا يتجلى في التشجيعات الممنوحة لأهل الفكر والثقافة والإبداع في شتى المجالات، وفي شبكة النوادي الثقافية الأدبية والمنتشرة في كل مكان، يسعى كل منها إلى تطوير المشهد وتعميق المقاربات وإتاحة المجال للمبدع. وأضاف الفطناسي أن موضوع الملتقى في غاية الإحراج والدقة ويطال جوهر علاقتنا "بالآخر" في مختلف تجلياته ويمس سؤال الكينونة ذاته، فتحديد الذات وإدراك خصوصياتها وتحديد الأدوار المنوطة بعهدتها في هذا الكون لا يتأتى إلا بتحديد علاقتها بغيرها ورصد ممكناتها ومحظوراتها. وفي ختام الحفل الافتتاحي للملتقى تم تكريم الشيخ سعد عبدالله المليص، والمؤرخ علي سدران الزهراني، والروائي عبده خال، والداعمين للملتقى الشيخ حسن لبزان، والشيخ سعيد العنقري، والشيخ شنان الزهراني، و"الوطن" الراعي الإعلامي للملتقى.