دعا تقرير أميركي إلى اتخاذ المزيد من الخطوات لضمان أمن دول الخليج العربية ومنحها معدات عسكرية دفاعية كافية وسائر الخدمات الأخرى لردع طهران، لا سيما في حال عزم إيران التحول إلى دولة نووية كاملة، مؤكدا أن الشعب الأميركي يتطلع لدور دولي أكبر لبلادهم في العالم. ويأتي التقرير الذي جاء تحت عنوان "استراتيجيات توسع القوة الأميركية في النظام العالمي التنافسي الجديد"، وصدر عن "مركز الأمن الأميركي الجديد"، وشارك فيه نخبة من السياسيين، ليؤكد أهمية توقيت الزيارة التي يقوم بها ولي ولي العهد وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان للولايات المتحدة حاليا، التي تشهد حراكا سياسيا يستبق الانتخابات الرئاسية في نوفمبر القادم وخروج العديد من الدراسات التي تشدد على أهمية أن تتضمن استراتيجية الرئيس القادم استمرار القيادة الأميركية للعالم للحفاظ على أسس النظام الدولي الراهن، والذي بات مهددا من قبل مجموعة متنوعة من المخاطر الجديدة، كذلك إعادة بناء توافق وطني أميركي بعد أن بلغت "الحزبية" والتحزب مستويات غير مسبوقة طغت على الأهداف والمصالح القومية المشتركة.
الشرق الأوسط الكبير حسب التقرير فإنه على الرغم من سوء التقدير والإخفاق السياسي الأميركي الأخير في الشرق الأوسط، والذي أسهمت فيه جميع الإدارات المتعاقبة منذ عام 2000، بما في ذلك الإدارة الأخيرة والتي تتحمل بعضا من المسؤولية فيما يجري حاليا، ورغم صعوبة التحديات والمشاكل المتراكمة في المنطقة، فإن الولاياتالمتحدة ليس لديها خيار سوى الانخراط الكامل – ولعدة سنوات – في جهد إيجابي متواصل لإيجاد حلول مقبولة للكثير من الأزمات المنتشرة والمتشابكة في الشرق الأوسط. النقطة الأساسية هي أن المخاطر المتولدة عن أزمات المنطقة، بما في ذلك الإرهاب المتصاعد وتدفق أعداد هائلة من اللاجئين، لا ينبغي "احتواؤها"، وإنما يجب معالجة أسبابها ومصادرها بشكل جذري، وعلى مدى سنوات عديدة وذلك باستخدام مزيج من الجهات المحلية الفاعلة "والحلفاء التقليديين" والقوة العسكرية والنفوذ الأميركي.
ضمانات أمن الخليج علي الإدارة المقبلة للولايات المتحدة أن تجعل من الواضح تماما أنه ليس لديها مصلحة في السعي إلى تحقيق "توازن جديد" عن طريق تقليص القوات الأميركية، على العكس يجب أن تعتبر منطقة الخليج العربي ذات أهمية حيوية، لأمن الولاياتالمتحدة. على هذا النحو يجب أن تتواجد القوات العسكرية الأميركية في المنطقة ومضيق هرمز بصورة كافية لضمان أمن الحلفاء من دول الخليج ضد أي اعتداء إيراني محتمل. وفي الوقت نفسه، ينبغي للحلفاء في الخليج الحصول على معدات عسكرية دفاعية كافية وسائر الخدمات الأخرى لردع طهران حتى لو كانت قوات الولاياتالمتحدة ليست موجودة أو متاحة للمساعدة بشكل مباشر. إلي جانب ذلك ينبغي أن ترفض الولاياتالمتحدة أيضا سعي إيران إلى إلقاء اللوم على الآخرين في التوترات الإقليمية الراهنة، حيث تقود حملة شرسة ضد المملكة العربية السعودية. في الوقت نفسه يجب أن نحيي جهود المملكة في التعاون الاستخباراتي والعسكري ضد تنظيم داعش، ومن قبل تنظيم القاعدة في السنوات الأخيرة، مع دعم القيادة السعودية لتكريس الجهود والموارد اللازمة لمواجهة كافة الجماعات المتطرفة.
مجابهة طهران عسكريا تنفيذ الاتفاق النووي بين إيرانوالولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي وروسيا، والصين، يتطلب اعتماد استراتيجية صارمة لضمان أقصى فائدة ممكنة من الاتفاق وللحد من أي عيوب أو مثالب. هذه الاستراتيجية يجب أن تجمع بين التطبيق الصارم للاتفاق النووي مع جهود أقوى لمواجهة النشاط العدواني المتنامي لإيران وزعزعة الاستقرارفي جميع أنحاء المنطقة، بدءا من دعم الجماعات الإرهابية مثل حزب الله مرورا بزرع عدم الاستقرار في الدول العربية السنية وانتهاء بمحاولات إيران المستمرة في تحديث قدراتها في مجال الصواريخ الباليستية التي يجب ألا تمر دون "عقاب صارم"، وفرض عقوبات رادعة ويدعو القانون الدولي الحالي لفرض العقوبات علي هذه الأنشطة الخطرة، وفقا لقرارات مجلس الأمن. وبصرف النظر عن الاتفاق النووي مع إيران فإن التهديدات التي قامت بها في السنوات الأخيرة بالعمل مع حلفائها المحليين من الشيعة في المنطقة، مما أكسبها نفوذا وتمددا كبيرا فإن مجابهة إيران صارت أمرا حتميا. فهي الداعم الرئيسي لبشار الأسد في سورية، حيث تنتشر الآن قوات عسكرية كبيرة، كما تحتفظ بعلاقات قوية مع الحكومة التي يقودها الشيعة في العراق؛ فضلا عن توفير الأسلحة والدعم للمتمردين الحوثيين في اليمن، وتمارس قوة كبير في لبنان من خلال حزب الله.
تهديد الاستقرار العالمي في ضوء ذلك - وحسب التقرير- فإنه يجب علي الولاياتالمتحدة تعزيز سياستها في العديد من النواحي، من بينها ضرورة إدراك طهران أن واشنطن لا تتوقع أن الاتفاق النووي يمكن أن يؤدي إلى تغير العلاقة مع الحكومة الإيرانية. مما يعني أن الاتفاق النووي لا ينبغي أن يرتبط بالانفتاح في العلاقات بين البلدين، إلا إذا غيرت طهران سياستها تجاه المنطقة والحلفاء التقليديين للولايات المتحدة. وعندئذ قد ترحب واشنطن بهذه التغييرات، ولكن هذا ليس جزءا من الاتفاق مع التلويح دائما بأن أي تجاوز في تنفيذ الاتفاق سيواجه عسكريا. كما يجب أن تعكس سياسة واشنطن المعلنة حقيقة أن الولاياتالمتحدة هي الآن، وسوف تكون دائما، عازمة على ردع إيران قبل أن تصبح دولة نووية كاملة. وهذه ليست مسألة حزبية بالنسبة للجمهوريين أو الديمقراطيين، وعلى الرئيس الأميركي القادم أن يعلن أن الولاياتالمتحدة لن تتردد في الرد مع استخدام القوة العسكرية بمجرد أن تحاول إيران الحصول على سلاح نووي. كذلك يجب على الولاياتالمتحدة أن تعتمد استراتيجية شاملة مع توظيف مزيج ملائم من القوة العسكرية، والموارد الاقتصادية، والدبلوماسية، لتقويض وهزيمة طموحات إيران للهيمنة على الشرق الأوسط الكبير سواء في لبنان، اليمن، سورية، والبحرين، واعتبار طموحات إيران على المدى الطويل تهديدا للاستقرار العالمي.