بين البحث عن مشروعيته، وتلمس أولى خطواته، وجنايات العابثين على الجدران، يرتبك "فن الجرافيتي" في السعودية، حيث يبحث مبدعوه الذين تأثروا بالمناخ العربي وانتشار هذا الفن في السنوات الخمس الأخيرة، عن موطئ قدم لهم في الساحة الفنية، لكن المؤسسات الثقافية لا تلقي لهم بالا، ولا توفر لهم أي دعم، ما دفعهم للاعتماد على أنفسهم، في محاولة منهم لفرض وجودهم عبر هذا الفن، على نحو ما يقول "فارس زهران" أحد أبرز المشتغلين بالجرافيتي في جدة ل"الوطن" راويا شغفه بهذا الفن، الذي بدأه عام 2009 تحديا لذاته، حتى غدا عالمه، ينفذه في كل ما حوله. لا زلنا نترنح في السير قال التشكيلي المخضرم أحمد فلمبان: لست ميالا لممارسة هذا الفن، لأنه يحتاج إلى قوة نفس ولياقة وطلوع ونزول من السلم. وأرى أنه لا وجود لدينا لفن الجرافيتي بمفهومه الصحيح عالميا، لغياب الضوابط والمعايير والناقد الحقيقي والمنظر الذي يضع الأمور في نصابها، إذ أصبح الفن لدينا (مهنة من لا مهنة له)، كما أن هناك مشاكل وعقبات مؤسساتية تقف حجر عثرة في طريق الجادين. فإيطاليا مثلا خصصت هذا العام 2 مليار يورو للفن التشكيلي، ونحن نحتاج إلى صياغة رؤية جديدة ومتطورة تواكب العالم على هذا الجانب، فلا زلنا نترنح في السير وفي بعض الخطوات.
تشويه الجدران الجرافيتي فن صادق سريع التأثير لذلك ينجذب إليه المتلقي فورا، وجيل الشباب هم الجيل الذي انطلق بهذا الفن أكثر من غيره في السعودية. وقد تطور هذا في تزيين المباني والمدن، الأغلبية هنا سموه شخمطة وتوسيخ جدران، لكن هناك مبدعون في تناولهم وألوانهم، وبسبب العابثين لن يتطور هذا الفن. ومع الاستمرار في تنظيم المسابقات الفنية لفن الجرافيتي سيتحسن الوضع، إذ ساعدت مسابقة أسماء الله الحسنى، التي نظمت قبل فترة في ترك انطباع جيد عن الجرافيتي. فاطمة باعظيم فنانة
المساءلة القانونية واحتواء المواهب الجرافيتي (Graffiti) من فنون الشارع، لأنه من الشعب وللشعب، يمارس على الحيطان ذات المواقع المشهورة أو المهجورة بواسطة ألوان (البخ) بهدف إيصال فكرة، أو دعم قضية، أو المساهمة في علاج قضية، ومن أشهر ممارسيه (بانسكي). وهو من الفنون القديمة مع اختلاف التقنية المستخدمة، وتطورت فأصبحت معروفة باسم الجرافيتي في أميركا خلال الستينيات من القرن الماضي، وتوسعت لتشمل بقاع العالم. نحن في فرع الجمعية السعودية للفنون التشكيلية (جسفت) بعسير، نولي اهتماما كبيرا بالمواهب الشابة من كلا الجنسين، ولأن موهوب الجرافيتي من المواهب المهمة التي يجب أن تحظى بالرعاية والتوجيه، لاسيما وأنه يستخدم الحيطان لتنفيذ أعماله التي ربما تشوه أكثر من أن تجمل، لذا فالاهتمام به مطلوب من قبل المؤسسات والجمعيات المعنية بالفنون التشكيلية الحكومية منه والخاصة، إضافة إلى مؤسسات المجتمع المدني بغية توجيه موهبته، وأخذ التصاريح من الجهات المعنية لتنفيذ رسوماته. وأتذكر أن موهوب الجرافيتي محمد الشهري قد تمنى جهة تتبناه وترعى موهبته، وعلى الفور تم الاتصال به ومنحه عضوية جسفت مجاناً؛ لما يمتاز به من حس فني، وموهبة، وسوف يكون لها شأن في الساحة التشكيلية المحلية إن شاء الله. لكن ما يؤخذ على ممارسي فن الجرافيتي أنهم يمارسون هوايتهم على الحيطان العامة دون التصاريح اللازمة مما قد يعرضهم للمساءلة القانونية، لذا فإن "جسفت" عسير أدرجت فن الجرافيتي ضمن خطتها القادمة للتعريف به ولاحتواء ممارسيه وتوجيههم الوجهة الصحيحة، مما يسهم في صقل مواهبهم والإفادة من مواهبهم بما ينفع المجتمع بعيدا عن الممارسات الفردية غير الموجهة. علي مرزوق مدير فرع الجمعية السعودية للفنون التشكيلية بعسير