في وقت يتحرك متطرفو "بوكو حرام" بين نيجيريا وليبيا، ويتزايد نفوذ داعش على الأراضي الليبية، خاصة سرت، يبدي دبلوماسيون أميركيون استعدادهم لتخفيف مستوى حظر توريد الأسلحة إلى ليبيا في محاولة لتكثيف الدعم للحكومة الليبية في المعركة ضد تنظيم داعش. ونقلت بعض التقارير الدولية عن الإدارة الأميركية قولها إن هناك خطة لمساعدة الجيش الليبي، حتى يكون قادرا على القيام بمهامه التي ينص عليها اتفاق الصخيرات برعاية الأممالمتحدة، بيد أن الخطير هنا هو أن حكومة فايز السرَّاج بدأت بتشكيل جيش وقوات أمنية خاصة بها، في محاولة لإبعاد قوات الفريق خليفة حفتر عن المشهدين الميداني والسياسي. ومن الواضح أن هناك ثلاثة جيوش أساسية في ليبيا، إضافة إلى مجموعات وقوات أخرى، وكلها تعلن مواجهتها للإرهاب، وتطلق على نفسها ألقابا وتسميات مختلفة، غير أن المهم والجديد نسبيا هو أن المجلس الرئاسي للحكومة دخل معادلة خطيرة بإنشاء قوات عسكرية وأمنية، من الواضح أنها ستكون بديلة للقوات التابعة للفريق خليفة حفتر، وذلك احتمال وارد في كثير من التحليلات المرتبطة بعلاقة حفتر مع رئيس حكومة الوفاق فايز السراج الذي يلقى دعما أوروبيا. على الصعيد ذاته، تشير تقارير إلى أن الولاياتالمتحدة تدعم الفريق حفتر، بينما الدول الأوروبية غير مرتاحة لشخصيته، وعندما ظهرت أنباء بأن مصر قد تتدخل للوساطة بين حفتر والسراج لتهدئة الأمور وتسوية بعض التناقضات، أعلنت القاهرة أنها لن تفعل ذلك، ما يعني وجود ضغوط ما أجبرتها على عدم التدخل، رغم دعمها حفتر. تقسيم البلاد عادت إلى الساحة مجددا، حقائق جرى الحديث عنها، قبل عام تقريبا، وهي موضوع القوات الخاصة الأجنبية، البريطانية والأميركية والفرنسية، الموجودة في ليبيا، وإذا كانت بريطانيا قامت بإنزال أول دفعة من جيشها في صحراء بنغازي مطلع مارس 2011، فإن القوات الفرنسية موجودة في عدة مدن ليبية، لاسيما في الجنوب، استعدادا وتحسبا لأي تحولات من قبيل تقسيم ليبيا. وبحسب مصادر مطلعة، تقوم عناصر من الاستخبارات الفرنسية وقوات باريس بأنشطة رامية إلى تغيير التركيبة الإثنية في الجنوب الليبي، ومحاولة الاحتفاظ بمساحات من الأراضي، والسيطرة على مدن ومناطق. أما القوات الأميركية فهي موجودة في مركزين غرب ليبيا، بدعوى أنها تنفذ مهمات استخباراتية. وبعيدا عن نظرية المؤامرة، فهذه المهام الاستخباراتية لا تتعلق فقط بالأوضاع في ليبيا، بل بنشاطات وجهود وخطط الدول الأخرى هناك، ومدى نفوذها، وإمكانية حصولها على نصيب أكبر أو أصغر في حال الانهيار الكامل والتقسيم أو في حال التسوية لمصلحة طرف ما دون آخر. ويرى مراقبون أن التناقضات والصراعات الدولية، تتسبب في تأجيل التسوية الليبية، واستقطاب القوى والتيارات السياسية في البلاد، وبث الانقسام في صفوف القوى المسلحة المتعددة التي يمكن أن تعمل في اتجاه مكافحة الإرهاب. استقطاب وانتقائية إلى ذلك، تؤكد مصادر محلية، أن الفريق حفتر في وضع لا يحسد عليه رغم النجاحات التي تحرزها قواته، ولكن الأوروبيين وحكومة الوفاق وبعض القوى الأخرى تعمل على عرقلته وإبعاده عن المشهدين السياسي والميداني، كشرط أساسي لرفع حظر توريد الأسلحة للجيش الليبي. ورغم أن عددا قليلا من الدول العربية، على رأسها مصر والإمارات، يقدم الدعم لحفتر بدرجات مختلفة، فإن المراقبين يرون أن ذلك غير كاف، بسبب المشكلات القائمة في تلك الدول، والضغوط التي تواجهها من القوى الكبرى، ما يعني أن حفتر بحاجة إلى دعم دولي من قوى بعينها، وعلى رأسها الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن، طارحين تساؤلا مؤداه: ما الذي يمكن لحفتر أن يقدم لهذه القوى؟