رغم تاريخ المسرح التونسي وتعدد مدارسه ونجومه إلا أن فوز العرض التونسي "حقائب" بالجائزة الكبرى لمهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي يعد سابقة هي الأولى من نوعها بالنسبة لعرض تونسي في مهرجان مسرحي دولي. ومنح المهرجان في حفل ختام دورته ال22 مساء أول من أمس عرض "حقائب" للمخرج التونسي جعفر القاسمي جائزة أفضل عرض مسرحي من بين 34 عرضا من 31 دولة ليحفظ للعرب ماء الوجه حيث خلت قائمة الجوائز من أي عرض عربي آخر، كما خرجت مصر البلد المضيف بلا جوائز على الإطلاق. ومنح المهرجان جائزة أفضل إخراج للعرض المولدوفي "الإنسان الطيب من سيشوان" للمخرج بوريس فوكسا الذي حصل أيضا على جائزة أفضل عمل جماعي، ومنحت جائزة أحسن ممثل للإيفواري جيبسي أدجي عن عرض "السيد والطائشون"، وجائزة أفضل سينوجرافيا للعرض البولندي "مسرحية عاطفية لأربعة ممثلين". وقال جعفر القاسمي: إن سعادته "لا توصف" بالجائزة التي منحت لعرضه الذي حازت بطلاته الثلاث: سماح بشراوي، وسماح توكابري، ونبيلة قويدر أيضا جائزة التمثيل، كما تم ترشيحه لجائزتي الإخراج والأداء الجماعي. وأضاف الممثل والمخرج التونسي: أنه توقع الجائزة منذ اليوم الأول لمشاركته في المهرجان. مشددا على أن "العمل الذي ينجح في تونس جماهيريا ونقديا يمكنه أن يحقق النجاح في أي مكان في العالم لأن الحكم في بلادي على الأعمال المسرحية دقيق وصعب وليس من السهل أن يعجب الجمهور بعمل في ظل وجود عشرات الأعمال الجيدة إلا إذا كان متميزا. وفيما يخص تأخر حصد تونس للجوائز في مجال المسرح، أوضح القاسمي أن السر يكمن في "عدم انضباط المشاركة في المهرجانات". ويدور عرض "حقائب" بحسب مخرجه حول "ممثل أعزل في فضاء معزول في مواجهة جمهور مدجج بأفكار وآمال وقلق. وبينما الحكاية تبدو بسيطة لكنها دقيقة، فكل شيء من حول الممثل حقيبة بشكل ما؛ فإحساسه حقيبة، وجسده حقيبة، وملابسه حقيبة، وصمته حقيبة، وموسيقاه حقيبة، وخشبة المسرح مفتاح كل تلك الحقائب". على حد قوله. وحول سبب تسمية العرض ب"حقائب" قال مخرجه: إن الكون مليء بالحقائب "فالإنسان قبل الولادة يكون في حقيبة لتسعة أشهر، ثم ينزل إلى حقيبة الدنيا، وينتهي في حقيبة القبر. وهناك حقائب يمكن فتحها وأخرى لا يمكن فتحها وثالثة ممنوع فتحها. وهذا هو العرض الثاني لمخرجه الذي نال شهادته من معهد الفنون المسرحية التونسي عام 2001 وبدأ العمل كممثل في العديد من الأعمال المسرحية ثم التلفزيونية والسينمائية قبل أن يقرر أخيرا التركيز على الإخراج المسرحي وتقديم عروض منفردة (مونودراما) أشهرها "واحد منا"، و"التونسي دوت كوم" التي مازال يقدمها وسط إقبال جماهيري واسع. المهرجان الذي استمر 11 يوما بمشاركة عروض زادت على 80 مسرحية قدمتها 61 فرقة من 48 دولة وتنافس في المسابقة الرسمية 34 عرضا، تضمنت عروضه 22 عرضا مصريا و22 عرضا عربيا من 13 دولة هي لبنان والعراق وسورية والأردن والسعودية وقطر والبحرين واليمن وسلطنة عمان والسودان والمغرب وتونس وليبيا. ونظم المهرجان ندوة عنوانها (التجريب في مسرح الرؤى) شارك فيها 12 مسرحيا أجنبيا إضافة إلى مسرحيين عرب من الأردن وسلطنة عمان والعراق والسودان وسورية ولبنان والمغرب ومصر. وكرم المهرجان في حفل الختام مساء أمس بدار الأوبرا المصرية تسعة مسرحيين هم الناقدة الروسية إيرينا مياجكوفا والمخرجة الإيطالية إيمانويلا جيوردانو والمخرج اليوناني ديموس أفيديليوس والمخرج البولندي فيتولد مازوركيفتس والناقد الألماني مانفريد بايلهارتس والكاتب الأرجنتيني هوجو لويس ساكوكيا والمخرج الأميركي مايكل فيلدز والممثلة المصرية رجاء حسين والباحثة السورية حنان قصاب المدير العام لدار الأوبرا بدمشق.