إن زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز إلى جمهورية مصر العربية كانت حرصاً منه على توطيد أواصر العلاقات الأخوية والتاريخية والجغرافية والاقتصادية والإستراتيجية بين البلدين الشقيقين. وكان لهذه الزيارة صدى كبير محلي وإقليمي ودولي، نظراً للتوقعات الإيجابية والفوائد العديدة على كافة الأصعدة التي ستتمخض عن هذه الزيارة، ومن أبرز ملامح هذه الزيارة هو إعلان خادم الحرمين الشريفين عن بناء جسر يربط بين البلدين الشقيقين عبر البحر الأحمر، الذي أعلن فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي عن رغبته بتسميته "جسر الملك سلمان". أما بالنسبة لوصف الجسر يمكن إيجازه على النحو التالي: جسر الملك سلمان يربط بين السعودية ومصر بمسافة طولها حوالي 50 كلم، يبدأ من مدينة رأس نصراني المصرية القريبة من مدينة شرم الشيخ ليصل إلى الشاطئ الشرقي لمنطقة رأس الشيخ حميّد شمال ميناء ضبا بالقرب من محافظة تبوك شمال المملكة مروراً بجزيرة تيران بالبحر الأحمر. وبذلك سوف يختصر هذا المشروع العملاق زمن الرحلة من وإلى السعودية ومصر حوالي 20 دقيقة فقط، ويعتبر أول ممر بري في العصر الحديث يربط مباشرة قارتي آسيا وإفريقيا عبر الأراضي السعودية والمصرية. أما الفوائد العديدة لبناء هذا الجسر، منها على سبيل المثال: يعتبر مشروعا إقليميا عملاقا له أبعاد إستراتيجية من شأنها إيجاد رابط اقتصادي قوى بين دول المشرق والمغرب العربي؛ زيادة فرص التبادل البيني بين الدول العربية التي تعتبر أحد مقومات بنود استكمال "السوق العربية المشتركة"؛ تسهيل نقل الحجاج المصريين ومن دول المغرب العربي إلى الأراضي المقدسة في المملكة؛ إنشاء مناطق جذب للإعمار على نهايتي مسار الجسر بين البلدين، وخلق تجمعات سكانية بهذه المناطق؛ إن هذا المشروع سيسهم في خفض تكاليف الإنتاج بالنسبة للسلع الاستهلاكية والبضائع المعمرة، وبالتالي ستنخفض أسعارها لدى المستهلك النهائي. أما بالنسبة للأبعاد الإستراتيجية لجسر الملك سلمان، قامت "مجموعة شركات بكتل" الأميركية بإعداد دراسة حوله وأهم ما نتج عنها: التكلفة المبدئية للمشروع حوالي 3 مليارات دولار، ومدة التنفيذ حوالي 3 سنوات؛ يمكن استرداد تكلفة المشروع في مدة زمنية من 8 إلى 10 سنوات بالمقارنة بالمشروعات المماثلة التي قد تصل فيها المدة الزمنية لاسترداد التكلفة إلى 40 سنة؛ وشرحت شركة "بكتل" أن فترة الاسترداد (المدة الزمنية لاسترداد رأسمال المشروع 3 مليارات دولار) قصيرة نظراً لتوقعات رغبة ناقلات النفط والبضائع إلى أوروبا عبر الجسر بدلاً من قناة السويس لقصر المسافة، وهناك تفاصيل أخرى أكثر عمقاً. وكان من ضمن النتائج التي توصلت إليها شركة "بكتل" الأميركية أن مشروع الجسر سيحول مدينة شرم الشيخ إلى نقطة اتصال بين إفريقيا وشبه الجزيرة العربية، فتصبح بذلك 'ماربيلا' أخرى في الوقت الذي سيضعف فيه دور ميناء إيلات الذي يفصل جغرافياً بين المشرق والمغرب العربيين منذ قيام دولة إسرائيل عام 1948م. فضلاً عن عواقب ذلك المشروع على الحركة البحرية للسفن الإسرائيلية من وإلى إيلات. وقد لفت التقرير الأنظار إلى ما سيترتب على وجود ذلك الجسر من مكانة تجارية وسياسية ستتبوؤها المنطقة العربية بعد تنفيذ المشروع فيما يتعلق بتسهيل الانتقال لرجال الأعمال والمواطنين والحجاج العرب بين العالم العربي بأقل التكاليف فيما سيتضاءل حجم إيلات على خارطة السياحة العالمية.