نشر كثير من صحفنا المحلية الورقية والإلكترونية مقاطع من حديث وزير المياه والكهرباء حول رفع تسعيرة استهلاك المياه بهدف الحد من الهدر والإسراف، وأن المملكة من أكثر الدول في الاستهلاك المائي، ووصف التعرفة القديمة ب «الرخيصة» و«المجانية» مما فتح المجال للمسرفين والمبذرين... الخ في البداية نوافق الوزير على أن الترشيد لم يصل إلى الحد المرضي، ولكنه لم يظهر لنا فرق الاستهلاك بين أعوام كانت قبل الدعوة إلى الترشيد وأخرى من بعدها، ليعلم المستهلك مدى الاستفادة من أدوات الترشيد، ومن ثم فإن دعوة الوزير إلى حفر آبار داخل المنازل مقابل التسريبات الداخلية، كان من الأولى أن يوجهها إلى الوزارات والمستشفيات والقصور والفنادق وحدائق البلديات، وقوله بأن الوزارة رفعت تكاليف الاستهلاك من أجل الحد من الهدر والإسراف في استهلاك الماء فهذا أمر غير مناسب، فالدولة أعزها الله تدعو إلى رفاهية المواطن وإلى التخفيف مما أثقل كاهله من مصاريف الحياة، فهناك ارتفاع في أسعار المعيشة ولوازم البناء، بل وحتى أدوات ترفيه الأطفال، ونختمها بأسعار المستشفيات والمستوصفات الخاصة التي أصبحت هي مرجع المرضى بصفة عامة بسبب أن مراكز الأحياء الصحية شبه معطلة، لأنها تعمل بالدوام الواحد، فهل يروق لمعالي وزير المياه تحميل كواهل المواطنين أكثر مما حملوه، وفى مقابل كل هذا نسي التسريبات من التمديدات الطويلة والانكسارات التي لا يتم إصلاحها إلا بعد إهدارها مئات إن لم تكن آلاف الأمتار المكعبة من المياه في الشوارع، وأنا من شهود الله في أرضه على ذلك، ومن ثم فهل إسقاء الحدائق وأشجار الشوارع من هذا الماء الزلال من الترشيد وهناك مياه معالجة؟! فالوزير يدعو إلى ترشيد الاستهلاك من جانب ويتناسى أو يتغاضى عن جوانب أخرى من الإهدار غير المبرر، وعلى الرغم من كل هذا ومن أجل الترشيد، يجب الاستمرار في الدعوة إلى ترشيد الاستهلاك عبر الوسائل الإعلامية بمختلف أنواعها، ومقارنته رسوم الجوالات برسوم الماء ليست بمكانها أبدا، ولعل الوزير أدرك ذلك فيما بعد، جازما أن الغالبية الساحقة من المستهلكين سيستمرون ويحرصون على الترشيد وفقا لقوله سبحانه (يا بنى آدم كلوا واشربوا ولا تسرفوا) واتباعا لسنة رسول الهدى حينما قال (لا تسرف ولو كنت على نهر جار). وأخيرا، لا يزال الأمل معقودا من أجل إعادة النظر في أسعار الاستهلاك الجديدة رأفة بأحوال عامة الناس.