قرأت كثيرا من الغرائب، من جنيات بودلير وحتى عجائب القزويني، مرورا بساحرات ألف ليلة وليلة، وحتى التخيلات الخارقة لهاري بوتر، لكني لم أقرأ يوما أن على المرأة أن تكون ملاكا وشيطانا، خادما وأميرا، ذكية وعبقرية، عفيفة وابنة هوى في آن واحد. أن تتمكن المرأة من أن تكون كل هذه التناقضات مرة واحدة فلا بد أن تكون إحدى اثنتين ساحرة أو شيطانة؛ وحين كتب أحدهم في موقع زواج (http://zawaj.roro44.com/zawaj-8-354-0.html)؛ وهو موقع متخصص في شؤون المرأة تحت عنوان "ماذا يريد الرجل من المرأة... تجربة شخصية" منحنا مفتاحا لبوابة الجحيم الذي يجب أن تعيش فيه المرأة لترضي نزق الرجل وتناقضه، وقد خرج الكاتب الذي لم يذكر اسمه بحصيلة تجربته التي ينصح من خلالها بأنه يتوجب على المراة أن تكون ما يجب أن تكون عليه حتى تعجب الرجل، فقد اكتشف أن الرجل طفل كبير عن زوجته التي يرى فيها جميع النساء اللاتي عبرن في حياته. يجب أن تكون حكيمة ومتزنة وعاقلة ومتدينة لتكون بديلا لأمه التي ولدته، ويجب أن تكون صديقته التي يبوح لها بمكنونات قلبه ربما مثل تلك التي تعرف عليها صدفة في بهو الفندق، كما يجب أن تكون خادمته المجردة من كل كرامة، ساذجة وصامتة، لكن حين يريدها أن تتحدث، يجب أن تكون على قدر من الذكاء واللباقة، وهي نفسها هذه الأم والخادمة والصديقة يتوجب عليها أن تنافس المذيعات والممثلات الأنيقات الجميلات اللاتي يشاهدهن يوميا على التلفزيون بكل ما فيهن من أناقة وسحر وتتبعا للموضة، ولا يكفي ذلك ليرضيه بل يتوجب عليها أن تكون غانية. وحتى إذا كانت كل هذه التناقضات والتي يستحيل حتى على الجنيات أن يتمثلن بها، فسوف تبقى هناك معضلة تتعلق بمزاج الرجل نفسه، وهي متى يتوجب عليها أن تلعب كل دور على حدة، أي متى تكون شيطانا ومتى تكون ملاكا، ومتى تكون أما ومتى تكون غانية، ومتى تكون صديقة ومتى تكون خادمة. وعليها وحدها تقع مسؤولية اكتشاف لحظة المعجزة التي يجب أن تتحول فيها من الشيء إلى نقيضه. إن أدبيات الأمم والشعوب جميعها تحط من شأن المرأة؛ والتاريخ الإنساني حافل بالمظالم، لكنني وأنا أدعي أنني قرأت أكثر مما يتوجب على كاتب قراءته، لم أصادف مثل هذا الجنون في التعبير عن رؤية الرجل القاصرة والمناقضة للمرأة.