في البدء أود أن نتفق على نقاط قبل أن تكمل قراءة المقال فيما يخص مجلس الشورى؛ أولها: أن كثيرا من اللغط والاستياء يدور في الأوساط الإعلامية والشبكات الإلكترونية حول أداء المجلس منذ زمن ليس بالقريب، ثانيها: الكثير في أرض المملكة لا يشعرون بدور مؤثر ومهم للمجلس، ولكي نستطيع فهم ماهية المجلس كجزء فاعل من السلطة التشريعية أو كما تسمى في القاموس السعودي "التنظيمية"، وجب التعرف على دور الشورى في صناعة القرار السعودي لنصل إلى تقييم عادل، فالمجلس برجالاته ونسائه من كل أقطار الوطن عينوا ليقوموا برصد احتياجات الوطن ودراسة متطلباته من الأنظمة واللوائح والمعاهدات والاتفاقيات الدولية ومناقشة المخططات العامة واستدعاء الوزراء لمتابعة أداء وزاراتهم، وتلك هي حدود صلاحيات المجلس. الشورى ومنذ ما يزيد على العقد يواجه هجوما شرسا لم ينشأ في ليلة وضحاها، بل كان نتاج عوامل ومؤثرات عدة في مقدمتها قصور الفهم العام لدور المجلس، علاوة على ذلك الترصد الإعلامي للشورى، وهذا جوّ صحي طبيعي ما بين البرلمانات والإعلام في العالم أجمع، ولكن الوصف الدقيق لما يحصل هنا هو محاسبة الشورى بما يخرج عن إطار صلاحياته، والمسارعة لنشر العثرات يقابلها تهميش لمخرجات الشورى الجيدة وتتبع التصريحات غير الموفقة من بعض الأعضاء وتعميدها باسم الشورى، ذلك التهجم على مدى السنين ترك أثره الكبير في خلق فجوة لا يستهان بها لدى غالب المجتمع تجاهه وبشكل حاد. مجلس الشورى حوسب خارج إطار نظامه وصلاحياته، وأعضاؤه الذين عرفوا في أوساطهم قبل دخول المجلس بتميزهم في مجالاتهم كانوا ضحايا اتهامات ليست في محلها كان أبرزها التنصل من احتياجات المواطن، ربما كان هناك قصور من نوع ما، لكن لا يرقى لأن يكون تنصلا، فكم من اتهام روج له في الصحف وشبكات التواصل والمجالس بتجاهل المجلس عدة ملفات كان الأولى بأصحاب الاتهامات تقديم تلك القضايا والملفات في أيقونة العريضة في الموقع الإلكتروني للمجلس لعلها تكون ضمن المقترحات التي يتبناها. أقترح على أعضاء مجلس الشورى أن يقدموا عروضا درامية لمشادات كلامية ومجادلات حادة فيما بينهم أمام عدسات الكاميرات، حينها أضمن لهم أن ينشغل الإعلام عن الترصد لأداء المجلس بتتويج المنتصرين في معارك الجلسات الأسبوعية، وسترتفع معدلات الرضا عن المجلس دون الاهتمام بمخرجاته، وستقفز إحصائيات مشاهدة الجلسات عبر التلفزيون واليوتيوب إلى ما لا يمكن توقعه، فنحن قوم نعشق البروبجندا.