أسهم انبهار كثيرين بصورة داعش في التحاقهم به، لكن عددا منهم اكتشفوا بعد ذلك زيفه وصدموا بالحقائق، وقدموا شهادات من الداخل تثبت ما يمثله التنظيم من شر مستطير وتعطش للمال والدم، وكشفوا أنه يكفر الجميع بلا استثناء، ويصفي منسوبيه الذين يعارضون أو يعلقون على أخطائه، حيث يتفشى الظلم وتطلق الاتهامات بشق الصف لمجرد الظنون. وذكر منشقون أن مناخ الخوف والريبة والقسوة يسود التنظيم، حيث يعذب من يشك في قيامهم بالتجسس عليه أو يقتلهم بالرصاص أو يقطع رقابهم، كما يتحرش أعضاؤه بالنساء ويمارسون العنف الجنسي حتى ضد زوجاتهم. أسهم انبهار كثيرين من الصورة التي حاول داعش تسويقها عن نفسه في التحاقهم به، لكن عددا لا بأس به من هؤلاء اكتشفوا حينما صاروا على مقربة من التنظيم أو ضمن عداد المنتمين إليه زيف الصورة، وصدموا بالحقائق بعدما اصطلوا بنيران التنظيم قبل تمكنهم من النجاة. وأثبتت شهادات هؤلاء «وهي شهادات من الداخل» ما يمثله التنظيم من شر مستطير وتعطش للمال والدم، وضربه جميع المبادئ التي يستخدمها في استقطاب عناصره عرض الحائط. وتمكن مؤلفا كتاب «داعش: من داخل جيش الرعب» الصادر في فبراير 2015 الأميركي مايكل ويس والسوري حسن حسن من التحدث إلى عشرات المقاتلين والأعضاء في داعش، وكونا فكرة عن طريقة التنظيم في تجنيد ناشطيه والتحكم بهم، أثناء «تدريبات» في معسكرات تدريب يمكن أن تستمر بين أسبوعين وسنة. وأوضح الكتاب أن المجندين يتلقون تدريبا عسكريا وسياسيا ودينيا، كما يتدربون على التجسس المضاد لمنع عمليات التسلل إلى صفوفهم، ويبقون بعد تدريبهم تحت المراقبة ويمكن طردهم أو معاقبتهم لو أبدوا بعض التحفظات أو الضعف. وحدد مؤلفا الكتاب 6 فئات لأعضاء التنظيم، ولاحظا أن رجال الدين شديدي التطرف يهيمنون عليه، وأنه يضم أيضا عددا من المنتسبين إلى أيديولوجيته المتطرفة، أما الآخرون فهم انتهازيون لاهثون وراء المال أو القوة، أو براجماتيون يريدون الاستقرار، أو مقاتلون أجانب تختلف دوافعهم، ولكن تجمعهم نقطة مشتركة وهي جهل ما يجري حقيقة في المناطق التي يحارب فيها التنظيم، والفئة الأخيرة هم الناشطون الأكثر تسييسا، وهي فئة غالبا ما يقلل الغربيون من شأنها. وحشية التنظيم تدفع العشرات للانشقاق تروي خديجة المنشقة عن داعش في تقرير مصور نشرته «سي إن إن» في سبتمبر 2015 أنها كانت عضوا في كتيبة النساء بداعش، وكانت تحرس شوارع مدينة الرقة السورية، وتمسك بالسيدات اللواتي لا يرتدين زيا مناسبا، وتقوم بجلدهن أحيانا. وبينت أن أعضاء التنظيم كانوا عنيفين مع النساء حتى زوجاتهن، وكانت هناك حالات تطلب نقلها إلى الطوارئ بسبب العنف الجنسي. خديجة إضافة إلى 60 منشقا آخر كشفوا عن معلومات جُمعت بتقرير للمركز الدولي لدراسات التطرف، أشار إلى أن ثلثي المنشقين فيه أنهم غادروا التنظيم لأنهم كانوا مستائين من مقاتلة ثوار آخرين من السنة، أو لرعبهم من وحشية المجموعة. شهادات تكشف خلافات القادة بثت «جبهة الأصالة والتنمية السورية المعارضة» تسجيلا مصورا في نوفمبر 2015 لاعترافات منشقين عن داعش، أكدت مدى الخلافات بين قادته في سورية، من خلال انتشار الإعدامات في صفوف عناصره، وتصفية كل من يعارض أو يعلق على الأخطاء التي يرتكبها التنظيم. وخلال التسجيل يظهر أبوالوليد التونسي وهو أحد المنشقين مبررا انشقاقه بتفشي الظلم في التنظيم وسرعة الاتهام بشق الصف في حال التعليق عن أي أمر، إضافة لقتل المهاجرين الذين يقومون بالتعليق عن الأخطاء التي يرونها، مشيرا إلى أن أي شخص يسأل عن أسباب قتل المهاجرين معرض للسجن بشكل مباشر. وأضاف التونسي أن «الخلافات لم تقتصر على مستوى الحكم والطاعة، بل تعدت ذلك إلى خلافات بين شرعيي التنظيم، حيث تسود خلافات وتصفيات بين من يتبع الشرعي الأول في تنظيم داعش البحريني تركي البنعلي، وأتباع أحمد الحازمي السعودي الجنسية، والذي تطور إلى مناظرات بين الطرفين حول أخطاء البغدادي، وانتهى بتصفية بعض من يرى أخطاء في حكم أبوبكر البغدادي من التابعين للشرعي أحمد الحازمي. السمبتيك أشهر المقاتلين السعوديين في سورية السمبتيك سليمان السبيعي «25 عاما» ذكر أن ذهابه إلى القتال في سورية جاء بعد مقتل أخيه عبدالعزيز الذي كان يقاتل فيها في تلك الفترة، وبين أنه هذا يشكل 70% فقط من قراره بالذهاب إلى هناك. وكشف عن خطة خروجه من السعودية بالرغم من كونه لا يمتلك جواز سفر بعد أن كان أخوه عبدالعزيز قد استغل جواز سفره وخرج به وهو الممنوع من السفر لقضائه فترة 6 أعوام في السجن. خروج السمبتيك كان بحسبما يقول مفاجئا بعد أن وجد جواز ابن عمه واستغله في السفر من قطر إلى تركيا قبل أن تتلقفه أيدي مهرب سوري ذهب به إلى مناطق القتال. وأشار السمبتيك أكثر من مرة إلى أن شهرته كانت الغنيمة التي بحث عنها مقاتلو داعش، واستغلوها في إرسال رسائلهم وأفكارهم وقراراتهم ودعواتهم للآخرين بالنفير، وقال «التقيت أحد شرعيي التنظيم الذي طلب مني تخصيص حسابي في «تويتر» للدعوة في سبيل الله، لكن الحساب الذي لم أكن أجرؤ على حذف تغريدة فيه انحرف عن مساره ليهاجم بعض العلماء في السعودية وينشر رسائل تكفير وتحريض ضد الحكومة السعودية». وقال السمبتيك في البرنامج أيضا إنهم استولوا على حسابه وكانوا يقومون بالتغريد عبر أشخاص عدة ومن أجهزة مختلفة وعندما أراد منهم أن يكفوا عن استخدام حسابه في أمور بعيدة عما جاء من أجله قاموا بتهديده والإنكار عليه. وكشف السمبتيك عن استحواذ الجنسيات العراقية والسورية على المناصب القيادية بداعش، وسيطرة التوانسة والليبيين على الشرعيين في التنظيم على الرغم من أنه يعتقد أنهم لا يمتلكون علما كبيرا خصوصا بعد فوضى التكفير التي أطلقوها بين الفصائل المقاتلة للنظام السوري وتوجيه سلاحهم إلى تلك الفصائل بدل قتال النظام، وهو ما دفع ثمنه المقاتلون السعوديون الذين فرغوا للقتال في الجبهات بين بعض، وهو أمر مخالف بحسب السمبتيك للصورة التي كانوا يتوقعونها قبل قدومهم إلى سورية، وهي قتال النظام السوري فقط. غسل إيديولوجي يقود الأوروبيين للقتال في سورية نقل تقرير نشره المركز الأوروبي العربي لدراسات مكافحة الإرهاب في نوفمبر 2015 ما قالته المفوضة الأوروبية للعدل، فيرا جوروفا «تشيكية»، في مقابلة مع صحيفة «لو فيجارو» الفرنسية إن ما بين 5 إلى 6 آلاف متطوع أوروبي بينهم 1450 فرنسيا ذهبوا إلى سورية للانضمام إلى «الجهاديين». وذكر التقرير أنه برغم اختلاف تفسير الدوافع والأسباب لتدفق المقاتلين الأوربيين إلى سورية والعراق، يمكن القول إن أبرز دوافعهم الغسيل الإيديولوجي، أي «الإيمان» بفكر الجماعة السلفية «الجهادية»، وكذلك لأسباب مادية، كون التنظيم يقدم امتيازات مادية خاصة للمقاتلين الأجانب أكثر من المحليين، ناهيك عن حب المغامرة والخروج عن المألوف، وكذلك إشباع الرغبات الشخصية والغرائز ومنها الجنس. ذكرت مجموعة من الألمان المنتمين للتنظيم، والذين عادوا من سورية أخيرا أن «داعش يمارس الإرهاب مع أعضائه بأقصى درجة، حسبما ذكرت صحيفة «زود دويتشه تسايتونج» في تقرير لها في فبراير 2015، وفيه أن «200 من الجهاديين الإسلاميين عادوا إلى ألمانيا، تعاون خمسة منهم تقريبا مع سلطات الأمن الألمانية وأدلوا خلال الاستجوابات التي أجريت معهم بمعلومات عن الفترة التي قضوها مع داعش». وقالت الصحيفة إن «عددا من العائدين صوروا مناخا من الخوف والريبة والقسوة يسود بين أعضاء التنظيم، وقال أحدهم إنه وضع في «مجزر» لأنه لم يسلم جواز سفره لقيادات التنظيم، مبينا أن جدران المكان كانت ملطخة بالدماء، وأن جثة بلا رأس طرحت داخل الحجرة التي كان ينام فيها. وأوضح التقرير أن التنظيم يعذب من يشك بقيامهم بالتجسس عليه أو يقتلهم رميا بالرصاص أو بقطع رقابهم، وأن الملتحقين جدد كانوا يؤمرون بممارسة القتل لإظهار اتباعهم لأوامر القادة. وذكر أن أحد الملتحقين الجدد على التنظيم أعدم لأنه خبأ هاتفه المحمول فقط، مبينا أن رجال التنظيم كانوا يخشون فيما يبدو من قدرة الطائرات دون طيار على تحديد المواقع التي بها هواتف محمولة. وواصلت الصحيفة أن هناك تقارير لعائدين آخرين تشير إلى أن الجهاديين الذين حاولوا مغادرة البلاد دون تصريح كتابي من أحد أمراء التنظيم بخروجهم كانوا يقتلون رميا بالرصاص. هاربان من جحيم التنظيم الإرهابي عرضت القناة السعودية الأولى في برنامج «همومنا» شهادات للشابين السعوديين محمد العتيبي وسليمان الفيفي العائدين من مناطق الصراع في سورية، حيث تحدثا عن تجربتهما هناك وانضمامهما لداعش. العتيبي 26 عاما كان طالب دبلوم ابتعث للدراسة خارج المملكة، وقابل مجموعة من الشباب السعوديين المنضمين للتنظيم الذين عرضوا عليه الانضمام فقبل، والفيفي «متزوج ولديه 3 أبناء». وأكد الشابان أن خروجهما للجهاد لم يكن إلا فورة ورغبة في النصرة، وأن القرار كان فرديا ولم يبلغا أحدا به، ودخلا الأراضي السورية عن طريق مهربين أوصلاهما ثم اختفيا. وأوضحا أن داعش كان يضع السعوديين في الواجهة دائما، على اعتبار أنهم لا يهابون الحرب والموت، وكانوا يستغلون عواطفهم بعرض عمليات استشهادية عليهم بين حين وآخر، مؤكدا أنه لم ير سوريين أوعراقيين ينفذون أي عمليات استشهادية، وأن قادة التنظيم كانوا دائما يخفون شخصياتهم ووجوههم مقنعة، ولا توجد لهم أي علاقة أو تواصل معهم. وشدد الفيفي والعتيبي على أن التكفير ظاهرة منتشرة وسط داعش، وهم يكفرون الجميع بلا استثناء، حتى وصل إلى أن السعودي يقاتل السعودي، وقالا «لذا بدأنا نعيش ضيقا من هذا القتال الذي لا يعلم فيه أحد من هو عدوه». شهادة الفتاة الإيزيدية أمام مجلس الأمن كشفت الشابة الإيزيدية نادية مراد باسي طه أمام مجلس الأمن الدولي عن المعاناة والانتهاكات الجنسية التي تعرضت لها حين كانت مختطفة لدى داعش، مع نساء أخريات وأطفال في الموصل العراقية. وأمام أعضاء المجلس ال15 روت نادية، وهي تغالب دموعها وبتأثر واضح فصول المعاناة من لحظة اقتيادها مع أكثر من 150 امرأة إيزيدية من مناطقهن إلى الموصل، معقل داعش. وطالبت الشابة التي كانت قد نجحت في الفرار بعد أكثر من 3 أشهر من المعاناة اليومية، أعضاء مجلس الأمن بالقضاء على داعش ومحاسبة المتشددين الذين يتاجرون بالبشر وينتهكون حقوق المرأة والطفل. نادية تحدثت عن بعض تفاصيل مأساتها، قائلة إن متشددي داعش اقتادوها مع نساء أخريات وأطفال وأقدموا في الطريق على إهانة النساء ولمسهن «بطريقة تخدش الحياء». واقتادوها لاحقا إلى الموصل في شمال العراق مع أكثر من 150 امرأة أخرى، مشيرة إلى أنها احتجزت في مبنى مع عدد كبير من النساء والأطفال وكن يقدمن كهدايا. وتحدثت نادية عن الرعب الذي أصابها حين اقترب منها متشدد ضخم الجثة «كوحش مفترس» «لأخذها»، فتوسلت إليه باكية أن يتركها، قائلة له إنها «صغيرة لك وأنت ضخم جدا»، إلا أنه اعتدى عليها بالضرب. وعلى إثر ذلك جاء عنصر آخر من داعش واقتادها إلى مقره حيث طلب منها «تغيير دينها» لكنها رفضت، كما طلب منها ما «يسمونه الزواج» إلا أنها أكدت له أنها مريضة قبل أن يغتصبها بعد أيام «في ليلة سوداء». وأكدت نادية أنها تعرضت للإهانة والتعذيب والاغتصاب يوميا وأجبرت على ارتداء أزياء غير محتشمة، ما دفعها إلى محاولة الهرب إلا أن أحد الحراس ضبطها وسلمها إلى سجانها الذي ضربها بشدة. وأضافت نادية أن سجانها جردها من ملابسها قبل أن يقتادها إلى مجموعة من المتشددين الذين تناوبوا على اغتصابها حتى «فقدت الوعي»، مشيرة إلى أنها نجحت بعد 3 أشهر من الخطف في الفرار.
( الحلقة الأولى ): داعش والمافيا اتفاق في النشأة والهيكل وعقيدة الدم ( الحلقة الثانية ) : تنظيمات القتل تقتدي بالمافيا ( الحلقة الثالثة ) : 3 مليارات لتضخيم صورة داعش ( الحلقة الرابعة ) : نفط وابتزاز وسطو وتهريب لتمويل داعش (الحلقة الخامسة ) : إيران وإسرائيل تكشفان زيف داعش