يقول المثل: من لا يحب صعود الجبال يعش بين الحفر. هذا المثل يحفز على طلب النجاح في الأمور كلها، ولكن في هذه المرة سأسقطه على صعود أهل تهامة عبر عقبة شعار. أحيانا نجد أن الحفر في شعاب تهامة الوافرة بجمالها ولحافها الشتوي وهي تزهو باخضرار الأرض وبياض القلوب، أفضل بكثير من مواجهة همجية بعض السالكين لعقبة شعار الرابطة بين تهامة والسراة، فقد أصبحت هاجسا مؤرقا استطاع التحرر من الحلول. أطل علينا أحد كبار السن من مجلسه التهامي العامر بقصة تتكرر ألوف المرات عن مأساة النفق رقم (6) وفي نفسه علامات كبيرة من العتب على مدير مرور عسير، يقول عن الموقف الذي لا ينسى: وجدت نفسي وأسرتي في توقف مفاجئ للسير في بعض الأنفاق، بسبب تجاوزات السيارات الصغيرة للشاحنات ومحاولتها العودة للمسار في حال المواجهة مع سيارة مقبلة، ومن ثم إجبار السير على التوقف شيئا فشيئا، حتى تراكمت الأعداد المهولة من السيارات، وبدأت ألتفت عن اليمين والشمال في مخرج بداخل النفق وسط الدخان الكثيف من الشاحنات المتوقفة اضطراريا، وبدأ الأطفال يشعرون بالاختناق في التنفس، لتعطل مكيف الهواء بالسيارة، ومن ثم راودني طرح سؤال هامس في نفسي، أين المفر؟ فتبادر إلى ذهني الاعتماد على طريقة (دبر نفسك)، فمن يصل إلى ذلك المكان المظلم- الذي لا تتوافر فيه أدنى وسائل السلامة الصحية- من سيارات الخدمة ومولدات طاردة للدخان فعليه أن يتحمل العواقب، وقبل أن يستفحل الأمر وتتفاقم درجة الخطورة فتشت عن حل يمكن أن يكون الملاذ الآمن بعد الله- فترجلت وطرقت أبواب بعض السيارات المتوقفة، ولا أكون مبالغا بأن أصحاب الفزعة تسابقوا على إنقاذ الأبناء، فمنهم من ترجل عن سيارته وهو يلتقط أنفاسه بصعوبة ليستضيفنا بداخلها، وبعضهم ارتعد من الخوف نتيجة القصص التي يغرسها الناس في رؤوسهم عن "حسناء" شعار، وبفضل الله نزل الفرج علينا، لكن بعد أن تشكلت في داخل الأبناء حالة من الرعب والفزع إلى درجة أن الموقف يراودهم في منامهم! أصعد بهذه القصة إلى مدير مرور عسير، لكن ليس عبر عقبة شعار في هذه المرة، حتى لا تتعثر في بعض الأنفاق أو تخطفها "الحسناء" المزعومة، فكثير من القصص والصدمات تطويها الفواجع قبل أن تصل إلى المسؤول عن تنظيم السير في "شعار"، وبعضها احترقت وبعضها تلمسنا لها الأعذار بقلة الوعي التي يلفها المسؤول في كرتون الورق، ثم يرمي بالتهمة على السائق الذي يحرص على التقيد بنظام السير على الطريق. لذلك أقول وأكرر، أوقفوا مهازل الهمجية من قائدي السيارات في شعار بقوة النظام، فقد شاعت الفوضى المرورية وأصبحت المكان الذي يشع فيه صور الهلع والخوف، وأعتقد جازما أن لدى إدارة مرور عسير الحلول والأفكار والخطط والتعاطي مع مآزق عقبة "شعار"، وفرض الانضباطية في السير متى ما قمنا بالمسؤولية على أكمل وجه. لا نريد أن نخدش الجهد الكبير للمسؤول، ولكن السالك لطريق عقبة "شعار"، يشعر أنه في عالم لا يتوافر فيه الحزم والضبط المروري.