جمعني لقاء مع (ليدا) وهي ابنة الأربعة عشر ربيعا في صباح أحد الأيام الماطرة فحدثتني عن قطتها التي أطلقت عليها اسم (جسي) وكانت تغمرها السعادة، أثناء هذا الحوار الماتع لتخبرني: "أن قطتها (جسي) صنعت حياة بدخولها منزلهم"، وهنا استوقفتني هذه العبارة المؤثرة وجعلتني أتساءل عن مدى تأثير تربية الحيوانات الأليفة على الإنسان. عدت بذاكرتي إلى قصة الصحابي الجليل أبي هريرة رضي الله عنه وكلنا يعلم سبب تسميته بهذا اللقب، وكلنا يعلم مدى رعاية ديننا الإسلامي للحيوانات والطيور، فديننا يعنى بشؤون الحياة كافة وبما فيها هذا الباب، فعن ابن مسعود رضي عنه قال: "كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فانطلق لحاجته، فرأينا حُمرة معها فرخان فأخذنا فرخيها، فجاءت الحمرة ترفرف على رأس رسول الله ورأس أصحابه، فقال صلى الله عليه وسلم: "من فجع هذه بولدها؟ ردوا ولدها إليها"، وقال صلى الله عليه وسلم: "الهرة لا تقطع الصلاة لأنها من متاع البيت"، ولقد أجاز ديننا أن ندخل بعض الحيوانات لبيوتنا. وأشارت إحدى الدراسات الحديثة إلى أن تربية قطة في المنزل تخفض نسبة الإصابة بالنوبة القلبية بنسبة 30 بالمائة! وتقول الدراسة إن قلوب مالكي القطط كانت أكثر سلامة من الذين لا يربون القطط، وعندما سئل الباحثون عن سر ذلك، أجابوا بأن تربية القطط يخفف من الإجهاد والتوتر وذلك لما تحمله القطة من صفات الوداعة والإلفة والحنان والشعور بالسلام والحب غير المشروط لأصحابها، وهذا ما يسهم في حماية الإنسان من خطر الاضطرابات التي تؤثر على الأوعية الدموية، ففي الغالب يلجأ البالغون إلى حيواناتهم عند الشعور بالحزن والغضب أو أي اضطرابات أخرى. كما أن بعض الدراسات أفادت بأهمية اقتناء الأطفال لحيوانات أليفة لما لها من تأثير جيد على سلوكهم ونسرد منها: أولاً: "تحمل المسؤولية" فعندما يربي الطفل حيوانا أليفا، ينمي فيه الشعور بالمسؤولية والرعاية بالآخرين في وقت مبكر من عمره، ثانيا: "الثقة بالنفس" وتأتي الثقة بالنفس جنبا إلى جنب مع تحمل المسؤولية، فعندما ينجح الطفل في رعاية الحيوان الأليف فإنه بلا شك سيشعر بالرضا عن نفسه ويصبح فخورا بذاته، وهذا يزيد ثقته بنفسه، ثالثاً: "أقل عرضة لأمراض الحساسية والربو" فقد أظهرت الدراسات أن الأطفال الذين ينشؤون مع الحيوانات الأليفة هم أقل عرضة لتطور أمراض الحساسية والربو، رابعاً: "الهدوء" فالحيوانات الأليفة تميل إلى إحداث شعور بالهدوء لدى الأطفال، وبعض الأطفال هم أكثر هدوءا بجانب حيواناتهم الأليفة من غيرهم من البشر، خامساً: "تخفيف الإجهاد والتوتر" فاحتضان قطة يخفف من التوتر، ويوفر شعورا جيدا بالطمأنينة لدى الشخص، سادساً: "تعلم المزيد عن العواقب" فرعاية الحيوانات الأليفة تعلم الأطفال الكثير عن العواقب، مثل عدم إطعام الأسماك يُميتها، أو عدم تنظيف قفص الطيور باستمرار سيعمل على إظهار رائحة سيئة للمكان، سابعاً: "تعلم المزيد عن الالتزام والانضباط". ويبقى لنا أن ندعم أبناءنا بتحقيق رغبتهم باقتناء حيوان أليف أو طائر لجل الفوائد التي أسلفناها، وأنا أيضا أفكر جديا باقتناء نوع من الطيور.