أفرزت الدورة الثالثة للانتخابات البلدية نتيجتين رئيستين هما فشل المرأة في حصد عدد كبير من المقاعد البلدية عبر الصندوق، علاوة على النسبة الضئيلة التي حظيت بها من حصة المعينين بالمجالس البلدية وعددها (284) مجلسا، بعد أن أعلنت اللجنة العامة للانتخابات، قائمة تشكيل المجالس البلدية للأعضاء المنتخبين والمعينين، والتي تضمنت تمثيلاً محدوداً جداً لمشاركة النساء المعينات في عضوية المجالس البلدية، والتي لم تتجاوز في بعض المناطق 1 % من أعضاء المجلس. خسارة متوقعة خرجت المرأة من 95 % من المجالس البلدية بخفي حنين، ولم تكن خسارتها الانتخابية مستغربة في بعض المدن والمحافظات التي شهدت تكتلا ضد المرأة وحسمت الأصوات النتائج لصالح الرجل إلا أن الغريب هو مشاركة اللجنة العامة للانتخابات البلدية في إقصاء المرأة في الوقت الذي كان يتوقع أن توازن الوزارة بين طرفي المعادلة وتمنح المرأة نصيبا من مقاعد التعيين، إلا أن التعيين لم يكن للمرأة فيه نصيب إلا في 10 مجالس فقط بينما خلت جميع المجالس الأخرى من المرأة رغم أنها دخلت في عدد محدود عن طريق الانتخاب، إذ بلغ العدد النهائي لإجمالي المرشحين والمرشحات للانتخابات البلدية في دورتها الثالثة (6917) مرشحاً ومرشحة، منهم (5938) مرشحاً، و(979) مرشحة. بداية مخيبة كشفت أرقام ما بعد الانتهاء من مرحلة تسجيل المرشحين للانتخابات البلدية في نسختها الثالثة، اكتساحاً للرجال؛ إذ لم تتجاوز نسبة المرشحات 30 % في جميع مناطق المملكة. ورغم الآمال الكبيرة التي علقتها وزارة الشؤون البلدية والقروية على دخول المرأة الانتخابات البلدية، ناخبة ومرشحة، جاء تمثيل المرأة في المجالس البلدية من طريق صناديق الاقتراع أقل من المأمول، ولم تكن نسبة تمثيلها في المجالس تذكر، وهو ما شكل خيبة للآمال، التي كانت معلقة عليها لتطوير العمل البلدي. وفيما توقع المراقبون أن تلجأ وزارة الشؤون البلدية والقروية إلى خيار التعيين لحل هذه المعضلة، باعتباره ورقة أخيرة؛ لتحقيق التوازن في المجالس البلدية بين الرجال والنساء، لإعطاء المرأة الفرصة الكافية للمشاركة في المجالس البلدية، خذلت الوزارة المرأة وعينت فقط 17 سيدة. معوقات نجاح المرأة خصت اللجنة العامة للانتخابات البلدية المرشحات لعضوية المجالس الأدبية بضوابط خاصة تمنع المرشحة من مباشرة بعض المهمات بنفسها وتتعلق بالظهور الإعلامي ومخاطبة الرجال، وعدد مراقبون معوقات فوز المرشحات بالمقاعد في انتخابات المجالس البلدية. وأكد المراقبون أن من أبرز هذه المعوقات بعض الشروط التي وضعتها اللجنة العليا للانتخابات البلدية وخصت بها المرشحات، والتكتل الرجالي، وشراء الأصوات، وبعض الأعراف القبلية التي تحد من دعم المرأة في الانتخابات البلدية، وعدم ثقة المجتمع في قدرة المرأة على إحداث تغيير وتحقيق مطالبها، بسبب صعوبة تحركها وانتقالها أو التقاء الجهور. وأشار المراقبون إلى أن هذه المعوقات كانت مؤثرة بنسب مختلفة في حضور المرأة في نتائج الانتخابات البلدية، مؤكدين أن بعض المجالس البلدية لم تدخلها المرأة إلا عن طريق التعيين، أما الانتخاب فكان حظها فيه محدودا جدا. كما أظهرت نتائج الانتخابات أن غالبية الناخبين لم يؤيدوا عضوية المرأة في المجالس البلدية، وعدد متابعون أسباب ذلك في أن البعض رأى في ذلك مخالفات شرعية، أو أن المرأة لا علاقة لها بعمل المجالس البلدية، فيما رأى آخرون في ذلك انتهاكا للأعراف والتقاليد، كما أن بعضا ممن لم يمنحوا أصواتهم للمرأة أرجعوا ذلك إلى أنه في نجاحها تعطيل لمهام المرأة الأساسية في المنزل وتربية الأطفال، كما عزا ناخبون تفضيلهم عدم انتخاب المرأة إلى أن المرأة أقل قوة وتأثيرا من الرجل في هذه المهمة. مقاعد التعيين لم تحفظ ماء الوجه أكد رئيس اللجنة التنفيذية، المتحدث الرسمي للانتخابات البلدية، جديع القحطاني، أنه تم إعلان الأعضاء المعينين فور انتهاء المرحلة الحالية، وذلك لإكمال التخصصات التي تحتاجها المجالس البلدية، لافتا إلى أن الدورة الجديدة شهدت مشاركة نسائية بلغت 24% من إجمالي الناخبين الجدد. وأغفلت وزارة الشؤون البلدية والقروية النساء في قرارات اختيارها للأعضاء المعيّنين في المجالس البلدية، بعد أن أسدلت الستار على تشكيل المجالس البلدية في دورتها الثالثة. وأصدر وزير الشؤون البلدية والقروية عبداللطيف آل الشيخ قرارات التشكيل النهائية للمجالس، بعد استكمال اختيار المعيّنين فيها من الوزارة، البالغ عددهم 1052 عضواً معيّناً، في 284 مجلساً بلدياً، في مختلف المناطق، لينضم المعيَّنون إلى 2104 أعضاء انتخبهم المواطنون، ليبلغ العدد الكامل 3156 عضواً. ضبابية آلية التعيين في ظل الضبابية التي تحيط بآلية تعيين ثلث كل مجلس بلدي ومعايير الاختيار، أبدى عدد من المراقبين استغرابهم من تعيين المرأة في بعض المجالس التابعة لمحافظات ومراكز صغيرة وغيابها عن مناطق ومحافظات كبرى، رغم أن الوزارة هي التي تمتلك صلاحية تعيين المرأة في هذه المجالس، كما أن هناك تساؤلات عن المعيار الذي سارت عليه وزارة الشؤون البلدية في تعيين المرأة في المجالس البلدية، ففي الوقت الذي وصلت فيه المرأة لبعض المراكز بالانتخاب غابت بالتعيين، وفي المراكز التي غابت فيها بالانتخاب غابت بالتعيين أيضا. وقد تمت آلية تعيين الأعضاء بناءً على قيام جميع الأمانات والبلديات بتشريح عدد من الأسماء وتزكيتها إلى وزارة الشؤون البلدية والقروية، وهي التي تولت عملية اتخاذ قرار تعيين هذه الأسماء من عدمها، بيد أن اللافت أن بعض مناطق المملكة خلت من أي عناصر نسائية في المجالس البلدية، وهو ما دفع بعض المؤسسات والجمعيات المهتمة بالانتخابات إلى انتقاد آلية التعيين وضعف مشاركة المرأة، وبخاصة أن الكثير من النساء المعينات بعيدات عن المجال البلدي. و قال متابعون للشأن الانتخابي إنه كان من المفترض زيادة مقاعد النساء المعينات في المجالس البلدية، وبخاصة أن بعض المجالس البلدية في المناطق والقرى خلت من مشاركة النساء. هدر الميزانية اعتبر مراقبون أن ميزانية المجالس البلدية التي خصصتها لمراكز الانتخابات النسائية والعاملات فيها هدر مالي لا يوازي حضور المرأة في المجالس البلدية الخجول، وأشارت مصادر إلى أن 30% من ميزانية الانتخابات كانت مخصصة للمراكز النسائية والعاملات فيها إلا أن 95 % من تلك المراكز تقريبا لم تستطيع أن توصل مرشحة واحدة للمجالس البلدية. ووفقا لنظام المجالس البلدية الجديد بزيادة عدد أعضاء المجالس البلدية المنتخبين من النصف إلى الثلثين فقد بلغ عدد الأعضاء المنتخبين خلال الدورة الثالثة (2104) عضوا منتخبا في حين بلغ عدد الأعضاء المعينين (1052) عضوا. كما أنه، ووفقا للنظام الجديد تمت زيادة عدد أعضاء كل مجلس بلدي - وفقا لفئات البلديات- إلى 30 عضواً كحد أقصى، بحيث تم انتخاب ثلثي الأعضاء في حين عين الثلث الباقي بقرار من وزير الشؤون البلدية والقروية.