"لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك.. إن الحمد والنعمة لك والملك.."، كانت تلك التلبيات أبرز ما لفت زوار مهرجان المنطقة التاريخية "كنا كدا 3"، في المنطقة الواقعة في بيت نصيف معيدة ذكرى سير قوافل حجيج البحر القادمين إلى جدة، متوجهين منها إلى المناسك المقدسة. وحرص الزوار على التقاط الصور بجانب الجمال، التي حملت مؤن الحجيج ومستلزماتهم التي يحرصون على اصطحابها في رحلتهم المقدسة. منسق الفعالية خالد حسناوي يشير في حديثه إلى "الوطن"، إلى أن فكرة المسيرة تجسد حركة طريق الحج إلى مكة منذ أكثر من 100 عام، عندما كان الحجاج ينزلون إلى ميناء جدة الواقع حاليا خلف مركز المحمل الحالي، ليستقبلهم وكلاء المطوفين، إذ إنه كان لكل مطوف في مكة وكيل له في جدة ودليل آخر في المدينةالمنورة. وكيل المطوف بجدة يسير بقوافل الحجيج إلى العاصمة المقدسة، من خلال مسيرة تنطلق من الميناء بالجمال والهودج والخيش، والكرج وعاء لحفظ الأغراض، إضافة إلى صناديق تسمى الكوابر وهي بمثابة الشنط الآن، وأيضا الحطب، والسروج، والقرب، والخروج. يبدأ مسار الحج من شارع الملك عبدالعزيز حاليا، مرورا ببرحة نصيف إلى باب مكة، وتحديدا خلف السور عند قهوة بشبيش، ليتم الانطلاق منها إلى مكةالمكرمة، إذ كان الحد الأدنى ما يقرب من 30 جملا. معظم الرجال كانوا يسيرون على الأقدام، فيما النساء يركبن الهودج الذي يستوعب أربع سيدات بأطفالهن، وكانت المسافة بين جدة والعاصمة المقدسة يوما واحدا كحد أقصى، ويقدر عدد أعضاء كل قافلة بحوالى 56 شخصا. وتخصص إدارة كل قافلة "الشدقف" لكبار السن من الرجال، وكان الحجيج يستريحون في محطات تقع بين حدا وبحرة. وبعد انتهاء مناسك الحج، يعودون إلى جدة وبصحبتهم الهدايا التي اقتنوها من مكةالمكرمة كالسبح، والسجاجيد، والحلويات، وأبرزها الحلاوة الحمصية، واللوزية، ويستقبلهم أهالي جدة بالأهازيج الشعبية وتحديدا المنطقة الواقعة بين بيت نصيف ومركز المحمل، مرددين "جو، جو، حجوا جو، جابو حمص جابو حلاوة، بعد ما طفوا وصلوا جوا، جو من كل مكان". ويذكر منسق الفعالية حسناوي بأن الرحلات إلى مكةالمكرمة عن طريق الجمال من جدة انتهت في منتصف عهد الملك عبدالعزيز، رحمه الله، وتم استقدام سيارات الفورد الخشبية التي كانت تقل الحجاج والمعتمرين.