في إطار التحديات المستقبلية والطلب المتزايد على الطاقة الكهربائية وأسعارها، أو ما يسمى بالتعرفة وطرق احتسابها، ومدى ملاءمتها للمستهلك قياسا على أسعار الكهرباء في الدول الأخرى، وخطط تعديلها وخدماتها، وتطوير القطاع وتلبية الطلب المتزايد على الأحمال، إضافة إلى استفادة 29 مخططا من مخططات المنح، وتنفيذ عدد من المشروعات الضخمة، ما بين محطات توليد، وشبكات نقل وتوزيع، وإيصال الخدمة الكهربائية إلى المشتركين. حاورت "الوطن" وكيل وزارة المياه والكهرباء لشؤون الكهرباء، رئيس مجلس إدارة الشركة السعودية للكهرباء، الدكتور صالح حسين العواجي، الذي قال إن احتياج مشروعات الكهرباء في المملكة في السنوات الخمس المقبلة يقدر بما يقارب 250 مليار ريال، أي بمعدل إنفاق سنوي في حدود 50 مليار ريال. علاقة تكاملية • وزارة المياه والكهرباء، وهيئة تنظيم الكهرباء والإنتاج المزدوج، والشركة السعودية للكهرباء، ما دور كل جهة، وما علاقتها ببعضها البعض؟ باختصار هذه الجهات الثلاث هي الأجهزة الرئيسة المسؤولة عن القطاع، وحول العلاقة بين الوزارة والهيئة والشركة ودور كل منها، وعلاقتها ببعضها، فنؤكد هنا أن قطاع الكهرباء مكون من ثلاثة أركان أساسية. الأول: وزارة المياه والكهرباء، هي الجهة المسؤولة عن تطوير الأنظمة ووضع السياسات والتشريعات، والتأكد من تنفيذها بعد اعتمادها، وإعداد الخطط متوسطة وطويلة المدى، ومتابعة تنفيذها، وتشجيع صناعة الكهرباء وتوطينها، وتمثيل الدولة في المنظمات الإقليمية والدولية فيما له علاقة بسياسات وشؤون الكهرباء، وهذه هي المهام الرئيسية للوزارة بحسب ما وردت بنظام الكهرباء. والثاني: هيئة تنظيم الكهرباء والإنتاج المزدوج، هي الجهة الرقابية على الخدمة الكهربائية وتعريفتها، التي يتضمن تنظيمها الأساسي عددا من المهام والمسؤوليات المحددة حول مراقبة أداء القطاع، وضمان سلامة السوق، واحترام مبدأ التنافس، وجذب الاستثمارات، وتقديم الخدمة للمشترك بجودة عالية وأسعار عادلة، إضافة إلى ذلك إصدار التراخيص للمستثمرين، والمراجعة الدورية لأسعار الكهرباء، واقتراح المناسب منها، والنظر في الشكاوى والخلافات التي قد تنشأ بين مقدمي الخدمة وبينهم وبين المشتركين. أما الثالث فهم مقدمو الخدمة، الممثلون حالياً في الشركة السعودية للكهرباء، ومن سيدخل مشاركا معها أو منافسا لها في المستقبل، ودورهم ينحصر في تقديم الخدمة في ضوء السياسات التي تصدرها الدولة، والخطط التي تعدها وزارة المياه والكهرباء، وتحت رقابة هيئة تنظيم الكهرباء والإنتاج المزدوج. وتعتبر العلاقة بين الجهات الثلاث تكاملية وليست تنافسية كما يتصورها البعض. ومع وجود سياسات واضحة للقطاع، وتوفر إطارا تنظيميا لصناعة الكهرباء يكون واضحاً ومستقراً دون تمييز، فالجميع يعمل على توفير الخدمات الكهربائية بالمستوى الفني الملائم لجميع مراكز النمو السكاني والمرافق الاقتصادية، والارتقاء بها لتكون عالية الكفاءة والاعتمادية، وبأقل تكلفة اقتصادية. احتساب التعرفة • أسعار الكهرباء، أو ما يسمى بالتعرفة، ما طرق احتسابها، ومدى ملاءمتها للمستهلك قياساً على أسعار الكهرباء في الدول الأخرى، وهل من خطط مستقبلية لتعديلها؟ موضوع تعديل التعرفة قرار سيادي يختص به مجلس الوزراء، ويصدر به قرار من المجلس متى ما كان ذلك محققاً للمصلحة العامة، وكما سبقت الإشارة إليه فإن مراجعة أسعار الكهربائية (التعرفة) واقتراح التعديلات عليها من مهام هيئة تنظيم الكهرباء والإنتاج المزدوج، تقوم بها وفق أسس علمية وفنية سليمة تحقق التوازن بين مصالح الأطراف ذات العلاقة، مع الأخذ في الاعتبار مراعاة الاحتياجات الأساسية للمشتركين ذوي الدخل المنخفض والمتوسط، وتخضع تعرفة الكهرباء إلى دراسات مستفيضة، وتشاور بين جميع الجهات ذات العلاقة قبل إقرارها. كما تجري دراسة الآثار الإيجابية والسلبية لأي تعديل عليها، ومعالجة أي آثار سلبية إن وجدت على أي نشاط، وليس بالضرورة أن تقود مراجعة التعريفة إلى زيادتها دائما. ويخضع حساب أسعار استهلاك الطاقة الكهربائية أو ما يسمى بالتعريفة لشرائح محددة ومطبقة على المشتركين بحسب فئاتهم، طبقا لقرار مجلس الوزراء رقم 170 بتاريخ 1/8/1421، وتزداد تعرفة الكهرباء لبعض الفئات، ومنها فئة المساكن، كلما زاد الاستهلاك، لذا فإنه خلال فصل الصيف، ولارتفاع درجة الحرارة، يزيد الاعتماد على المكيفات، وبالتالي تزيد كمية الاستهلاك، ويدخل استهلاك المشترك في الشرائح الأعلى من شرائح الاستهلاك، مما يؤدي إلى ارتفاع قيمة الفاتورة. والتعرفة الحالية للقطاع السكني بالمملكة تعد من الأرخص على مستوى العالم، وهي لا تعكس التكلفة الحقيقية لإنتاج الطاقة الكهربائية، حيث تعتبر أقل من تكلفة الإنتاج لشرائح الاستهلاك ما بين 1-6000 كيلووات ساعة بالشهر)، بالرغم من أن هذه الشرائح تمثل 95 % من إجمالي عدد المشتركين، بينما أقصى ما يدفعه المشترك الذي تقع فاتورته ضمن فواتير الشريحة الأولى والثانية حتى 2000 كيلووات ساعة، والتي تمثل ما يقارب 64 % من إجمالي عدد الفواتير لا يتجاوز 100 ريال شهريا. تلبية الاحتياجات • في ظل الطلب المتزايد في استهلاك الكهرباء الذي يقدر بنسبة 8 % سنوياً، برأيكم ما أسباب ذلك؟ وهل يمكن تلبية الاحتياجات المتزايدة؟ ارتفع الطلب على الطاقة الكهربائية بالمملكة بشكل غير مسبوق، حيث بلغ مقدار الحمل الأقصى 62.260 ميجاوات في صيف 2015، بنسبة نمو 10.2 % مقارنة بالحمل الأقصى للعام 2014، البالغ 56.484 ميجاوات، بينما كان معدل النمو في الأعوام الماضية يتراوح ما بين 7 - 8 %، ويأتي ذلك بسبب التوسع العمراني، والمشاريع التي تنشئها الدولة، أو الشركات، أو المواطنون. وارتفاع درجة الحرارة إلى قرابة 50 درجة خلال فصل الصيف هذا العام في بعض المناطق، مع عدم استخدام العزل الحراري في معظم المباني القائمة حالياً، مما أدى إلى زيادة حاجة المشتركين إلى استخدام المكيفات، وتشغيلها بصفة تكاد تكون مستمرة طوال اليوم، إضافة إلى تزامن رمضان، وموسم الحج مع شهور الصيف هذا العام، وبالتالي زيادة كمية الاستهلاك، ومن ثم زيادة النمو في الطلب على الطاقة الكهربائية. وقد واجه قطاع الكهرباء هذا التحدي خلال هذه السنة والسنوات الماضية، ولم يكن عائقاً له عن استكمال الجهود الرامية إلى تزويد المستهلكين بخدمة كهربائية موثوقة، وإنشاء بنية تحتية قوية لمنظومة الكهرباء، والمساهمة في نمو ونهضة الوطن صناعيا واقتصاديا، على الرغم من النمو العمراني والاقتصادي المتسارع في المملكة. ولتلبية الاحتياجات المطلوبة لخدمة كهربائية موثوقة، تتضافر جهود كافة الجهات ذات العلاقة بقطاع الكهرباء لوضع الخطط وتنفيذ البرامج لتعزيز المنظومة الكهربائية بالمملكة، من أبرز ملامحها رفع الكفاءة في جانبي الإمداد والطلب، وتنويع المصادر الأولية لإنتاج الطاقة الكهربائية، وإقامة مشاريع كهرباء جديدة بأعلى المواصفات التي تراعي الترشيد وكفاءة استخدام الطاقة. أما فيما يتعلق بتلبية الاحتياج مستقبلاً، فهذه من التحديات العصيبة التي تواجه الدولة وليس قطاع الكهرباء فقط، نظرا لضخامة التمويل الذي تحتاجه مشروعات الكهرباء، والكميات الضخمة من الوقود التي تستهلكها محطات إنتاجها، ومن المؤكد أنه سيأتي قريباً الوقت الذي يستحيل فيه الوفاء بمتطلبات الكهرباء من التمويل والوقود في ظل الارتفاع المتنامي لها، الذي من أهم أسبابه استهلاكنا غير الرشيد للكهرباء، مع كون أسعارها في القطاع السكني من الأقل عالمياً. ولهذا فمن وجهة نظري تجب المبادرة في التعامل مع وضع الكهرباء وخدماتها وأسعارها بالمملكة بما يضمن استدامتها، وتوافرها. العزل الحراري • برنامج كفاءة الطاقة ونظام الإلزام بالعزل الحراري للمباني، ودورهما في تخفيض استهلاك الكهرباء الشركة السعودية للكهرباء تعمل على تحسين كفاءة محطات التوليد، وتطبيق التقنيات الكفيلة بتحسين أدائها مع تخفيض تكاليف إنتاج الكهرباء، والحد من استهلاك الوقود وخفض الانبعاثات، مما يلبي متطلبات سياسة الطاقة الحالية للمملكة، كذلك تبذل الشركة جهوداً حثيثة في جانب الطلب لمجابهة الحمل الذروي خلال أشهر الصيف، حيث تعمل على تنفيذ برامج متعددة لإدارة الأحمال، من أهمها تحسين معامل القدرة، وبرنامج التحكم عن بعد في أحمال التكييف لدى كبار المشتركين. إضافة إلى برنامج تطبيق التعرفة المتغيرة لكبار المشتركين من القطاعين الصناعي والتجاري لتشجيع المستهلكين على إزاحة أحمالهم خارج أوقات الذروة، وبالتالي خفض الاستثمارات الرأسمالية لإنشاء محطات توليد جديدة لتلبية الطلب وقت الذروة، وتحقيق الفائدة للمشتركين من خلال التوفير في الفاتورة الشهرية. كما أن تطبيق وتنفيذ العزل الحراري على جميع المباني في المملكة أصبح إلزامياً في ضوء القرار السامي رقم 6927 م ب، وتاريخ 22/9/1431، القاضي بالموافقة على تطبيق العزل الحراري بشكل إلزامي على جميع المباني الجديدة، سواء السكنية أو التجارية، أو أية منشآت أخرى أسوة بالمنشآت الحكومية في المدن الرئيسية بمناطق المملكة. ويعمل المختصون ضمن منظومة عمل متجانسة من خلال برنامج وطني لكفاءة الطاقة يشرف عليه المركز السعودي لكفاءة الطاقة، حيث يكثف المركز جهوده بالتعاون مع وزارة الشؤون البلدية والقروية، ووزارة المياه والكهرباء، والهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس والجودة، والشركة السعودية للكهرباء، من أجل تطبيق العزل الحراري الإلزامي على المباني السكنية في 24 مدينة رئيسة في المملكة كمرحلة أولى، تمهيدا لتطبيقه على جميع مدن المملكة لاحقا، وتقوم الشركة السعودية للكهرباء بالإشراف والتأكد من تنفيذ العزل الحراري. تعتمد الشركة على المعلومات المكتملة عن رخص البناء الصادرة من الأمانات والبلديات التي ترسل إلكترونيا للشركة، وبعد اجتياز المبنى لمراحل الكشف الثلاث عن العزل وهي (الجدران والأسقف والنوافذ)، تقوم الشركة بإرسال شهادة بذلك للبلدية المعنية التي تقوم بدورها بإعطاء شهادة إتمام البناء لصاحب الرخصة، التي بموجبها توصل الخدمات ومنها الكهرباء، بعد التأكد من استخدام العزل الحراري، حيث يشكل استهلاك الطاقة في قطاع المباني ما نسبته 80 % من الطاقة المنتجة، ويشكل استهلاك التكييف في تلك المباني 70 %، ومن هنا تأتي أهمية تطبيق اشتراطات العزل الحراري على جميع المباني والذي يوفر 30-40 % من أحمال التكييف، مع أهمية ملاحظة أن تكليف العزل الجراري لا تمثل في أعلى الأحوال أكثر من 5 % من تكاليف إنشاء المنى، ويمكن أن تسترد خلال مدة لا تتجاوز خمس سنوات نتيجة للتوفير في فاتورة الكهرباء. وتجدر الإشارة إلى أن الجهود الحالية التي ينفذها المركز السعودي لكفاءة الطاقة لرفع كفاءة استخدام الطاقة في جانب الطلب، وتحديث وإيجاد التشريعات الخاصة بحسن استخدامها، والعمل على تطبيقها، والتحقق من الالتزام بها، إضافة إلى الجهود التي تنفذها الشركة في جانب الإمداد، ستسهم في تحقيق نتائج جيدة خلال الأعوام ال10المقبلة. المشروعات المقبلة •ما مشاريع الكهرباء الجديدة؟ في إطار تطوير القطاع وتلبية الطلب المتزايد على الأحمال، فمن الضروري خلال السنوات الخمس المقبلة العمل على تنفيذ العديد من المشروعات الضخمة، ما بين محطات توليد، وشبكات نقل وتوزيع الكهرباء، وإيصال الخدمة الكهربائية للمشتركين، ومن أهمها: 26 محطة تحويل ثانياً: سيجري إنشاء 26 محطة تحويل جديدة، وتوسعة 15 محطة تحويل أخرى، وإضافة خطوط نقل هوائية بطول تقريبي 6.000 كم/ دائري،على الجهد 380 كيلو فولت. ثالثاً: يجري إنشاء عدد من محطات التحويل الجديدة، وخطوط وكابلات ل120 مشروعاً على الجهد 132/115/110 كيلو فولت. كذلك فإن الشركة السعودية للكهرباء تسعى لتحويل شبكة توزيع الكهرباء إلى شبكات ذكية بتوطين أحدث التقنيات المستخدمة عالميا، وقد تم إطلاق مشروعي العدادات الذكية، وأتمته شبكة التوزيع هذا العام، ومن المخطط استكمال المشروعين قبل نهاية عام 2025. ويعد مشروع العدادات الذكية أكبر مشروع من نوعه في المنطقة، حيث سيشمل تركيب حوالى (12) مليون عداد ذكي. ويقدر احتياج مشروعات الكهرباء للسنوات الخمس المقبلة بما يقارب 250 مليار ريال، أي بمعدل إنفاق سنوي في حدود 50 مليارا. مخططات المنح •ماذا تم بشأن إيصال الكهرباء إلى المخططات السكنية الجديدة؟ وخاصة مخططات المنح؟ وقعت وزارة المياه والكهرباء اتفاقية إيصال الكهرباء مع الشركة السعودية للكهرباء إلى 29 مخططاً من مخططات المنح التي يوجد بها 142.463 قطعة، وذلك استفادة من مبلغ 14 مليار ريال التي اعتمدها خادم الحرمين الشريفين لهذا الغرض، والتنفيذ خلال ثلاث سنوات، وسيبدأ ظهور الأثر الإيجابي لهذه المشاريع خلال العامين المقبلين.